وقال الشيخ محمد عبد السلام الشقيري: [ثم اعلم أن الصلاة على النبي e بعد النداء لم تكن بهذه الكيفية المعلومة الآن قطعاً بل كانت سراً وباللفظ الوارد الذي علمَّه لهم النبي e حينما سألوه بقولهم: قد علمنا السلام عليك فكيف نصلي؟ فقال لهم e قولوا اللهم صل على محمد) الحديث، فهذه الكيفية مبتدعة محدثة لم يأمر بها رسول الله e ولم تفعل في حياته ولا مرة واحدة. ولم يفعلها بلال في جميع تأذيناته بين يدي النبي e ولا مرة واحدة. ولا أحد من جميع مؤذني النبي e ولم تفعل في عهد الخلفاء الراشدين أصلاً ولا في عصر سائر الصحابة ولا التابعين ولا تابعي التابعين ولا الأئمة الأربعة المعتبرين، وإنما حدثت في عصر الملك صلاح الدين على يد رجل من الجاهلين المتصوفين وأنكرها بعض أهل العلم العاملين وهي لا تزال تنكرها قلوب العارفين بشرع الأمين حتى يأذن الله بإبطالها وإعادتها إلى أصلها على يد عبد من عباده الصالحين] (1).
وزعم بعضهم أن الصلاة والسلام على النبي e بعد الأذان وبالكيفية التي يفعلها المؤذنون ليست بدعة لأنها تدخل في عموم قول الله تعالى:
(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (2).
وعموم قول النبي e :( من صلى عليَّ مرة صلى الله عليها بها عشراً) رواه مسلم، فهذا عام يشمل جميع الأوقات ويدخل في عمومه الصلاة والسلام بعد الأذان (3).
والجواب عن ذلك من وجهين:
الوجه الأول: إنه لا يصح الاستدلال بهذه النصوص العامة وتخصيصها بأفعال عامة الناس الذين ابتدعوا هذه البدعة.
ولا بد من دليل شرعي يخصص هذه العمومات ويقيد المطلق منها ولم يوجد.
الوجه الثاني: إن هذه الصلاة والتسليم على النبي e ما عرفت إلا في عصور متأخرة وابتدعت على يد بعض الجهلة من العامة فأين كان عنها الصحابة والتابعون وأهل القرون الثلاثة المفضلة.
فلو كانت مشروعة لسبقونا إليها وكل الخير في اتباع من سلف.
وخلاصة الأمر أن علينا اتباع السنة وهي كما وردت بها الأحاديث وهي الصلاة والسلام على النبي e بشرط أن لا تجعل جزءً من الأذان فنقول للمؤذن إذا انتهيت من الأذان فصل على النبي e بعد ذلك ولا تجعلها جزءً من أذانك.
المسألة الرابعة: الذكر قبل أذان الفجر وقبل أذان العشاء ليلتي الإثنين والجمعة.
اعتاد بعض المؤذنين على التذكير قبل أذان صلاة الفجر وخاصة في شهر رمضان المبارك ومن هذه الأذكار:
- أن يتلو المؤذن قول الله تعالى: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا) (1).
- ومنها قول المؤذن قبل الأذان: سبحان الواحد الأحد سبحان الفرد الصمد، سبحان الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.
ومن الأذكار التي يقولها بعض المؤذنين قبل أذان العشاء ليلة الجمعة:
[(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).
أكرم مثوانا يا رب بحرمة ليلة الجمعة، وأكرم مثوانا ببركة ليلة الجمعة، فاطمة الزهراء هللت وكبرت بنبوؤة والدها المصطفى وحق ليلة الجمعة.
وخلقت لنا عقولاً. وأرسلت لنا رسولاً.
فمال عبادك يا الله لا يولون جهداً في الحصول عل ثواب ليلة الجمعة.
أنزلت لنا القرآن وحياً واقياً من لدن حكيم عليم، فما تجاهلت!؟ حتى أنزلت سورة سميتها سورة الجمعة.
يا رب ... قدس الأقداس سطعت أنوارها من أقصاها.
نور الأقصى من نور المصطفى فأكثروا يا زوار الأقصى من الصلاة على المصطفى ليلة الجمعة.
لا حول ولا قوة إلا بك يا الله عند ضعفي إن كنت قد حرمت من دخول المسجد الأقصى في ليلة الجمعة.
إلهي ومولاي، أنت ربي، أنت حسبي، فأعطني الشهادة في سبيلك بحق حرمة ليلة الجمعة.
ذرفت عيوني دمعاً من خشيتك يا الله فامنحني يا مولاي صبراً إذا حرمت من ذكرك في أقصاك (1) ليلة الجمعة.
موسى بشر محبي المصطفى وعيسى هتف في محبي المصطفى فاقسم الله لمحمد أن يكون هو البادي ليلة الجمعة.
يا مالك الكون إليك المرتجى والمنتهى.
فاجعل نهايتنا يا الله فاتحة خير بحق حرمة ليلة الجمعة.
¥