وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: [والعبادات المشروعة في المسجد الأقصى هي من جنس العبادات المشروعة في مسجد النبي e وغيره من سائر المساجد إلا المسجد الحرام فإنه يشرع فيه زيادة على سائر المساجد بالطواف بالكعبة واستلام الركنين اليمانيين وتقبيل الحجر الأسود وأما مسجد النبي e والمسجد الأقصى وسائر المساجد فليس فيها ما يطاف به ولا فيها ما يتمسح به ولا ما يقبل فلا يجوز لأحد أن يطوف بحجرة النبي e ولا بغير ذلك من مقابر الأنبياء والصالحين ولا بصخرة بيت المقدس ولا بغير هؤلاء كالقبة التي فوق جبل عرفات وأمثالها بل ليس في الأرض مكان يطاف به كما يطاف بالكعبة ومن اعتقد أن الطواف بغيرها فهو شر ممن يعتقد جواز الصلاة إلى غير الكعبة] (2).
ووصف السيوطي الطواف بالصخرة بأنه من فعل أهل الضلال (3).
المسألة الرابعة: بدعة التمسح بالصخرة:
معلوم أن مسجد قبة الصخرة أقيم على الصخرة التي قيل إن النبي e عرج منها إلى السموات العلى وزعم بعض الناس أنه يوجد على الصخرة أثر قدمه الشريف e (1).
وهذا الكلام ليس بثابت بل هو من أوهام العوام لأنه لا يعلم على وجه القطع المحل الذي عرج منه النبي e إلى السماء وإنما المعروف أنه عرج به e من المسجد الأقصى والمسجد الأقصى يطلق على كل المكان المعروف (2).
كما أن الزعم بوجود أثر قدمه الشريف e على الصخرة ما هو إلا محض كذب وافتراء على رسول الله e .
وما ساقه الشيخ عبد الغني النابلسي في رحلته حول ذلك (3) ما هو إلا دجل وخرافات ليس لها أصل علمي صحيح تقوم عليه لا بخبر أحاد ولا بالتواتر كما زعم الشيخ المذكور حيث إنه زعم أن ذلك ثابت بطريق التواتر (4) بل ذلك مجرد شائعات اكتسبت شهرة عند العامة ولا أصل لكل هذه الخرافات فهي كذب مختلق (5).
وقد نص المحققون من العلماء والحفاظ على إنكار صحة آثار القدم النبوية على الأحجار وإن من علامات زيف آثار القدم ما قرره صاحب كتاب الآثار النبوية - أحمد تيمور باشا - حين قابل بين المعروف من تلك الآثار حيث قال: [المعروف الآن من هذه الأحجار سبعة أربعة منها بمصر وواحد بقبة الصخرة ببيت المقدس وواحد بالقسطنطينة وواحد بالطائف وهي حجارة سوداء إلى الزرقة في الغالب عليها آثار أقدام متباينة في الصورة والقدر لا يشبه الواحد منها الآخر] (1).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: [وما يذكره بعض الجهال فيها
- أي في الصخرة - من أن هناك أثر قدم النبي وأثر عمامته وغير ذلك فكله كذب] (2).
وقد روي في فضل الصخرة أحاديث كثيرة وكلها باطلة مكذوبة موضوعة، قال العلامة ابن القيم: [وكل حديث في الصخرة فهو كذب مفترى والقدم الذي فيها كذب موضوع مما عملته أيدي المزوريين الذين يروجون لها ليكثر سواد الزائرين] (3).
ومن هذه الأحاديث:
1. ما روي عن عبادة t أنه عليه الصلاة والسلام قال: (صخرة بيت المقدس على نخلة والنخلة على نهر من أنهار الجنة وتحت النخلة آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران تنظمان سموط أهل الجنة إلى يوم القيامة) ذكره المنهاجي السيوطي ومجير الدين الحنبلي وعبد الغني النابلسي (4).
قال العلامة محدث العصر الشيخ الألباني يرحمه الله إنه حديث موضوع ونقل عن الذهبي أن راوي الحديث محمد بن مخلد حدث بالأباطيل ثم ذكر هذا الحديث (5).
وقال الهثيمي بعد أن ذكر الحديث: [وفيه محمد بن مخلد الرعيني وهذا الحديث من منكراته] (1).
2. وما روي عن علي بن أبي طالب عن النبي e قال: (سيدة البقاع بيت المقدس وسيد الصخور صخرة بيت المقدس) ذكره المنهاجي السيوطي ومجير الدين الحنبلي (2). وهذا الحديث تفوح منه رائحة الكذب.
3. وما روي عن أبي هريرة t أن النبي e قال (الأنهار كلها والسحاب والرياح من تحت صخرة بيت المقدس) ذكره مجير الدين الحنبلي وعبد الغني النابلسي (3).
وفي رواية أخرى (المياه العذبة والرياح اللواقح من تحت صخرة بيت المقدس) (4)
4. ومن الخرافات العجيبة ما ذكره عبد الغني النابلسي أن الصخرة معلقة في السماء لا يمسكها إلا الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض ... الخ (5) وهذا عين الكذب والافتراء.
5. ومن الخرافات ما ذكره عبد الغني النابلسي أيضاً أن النبي e لما صعد إلى السماء من الصخرة ليلة المعراج صعدت الصخرة خلفه فأمسكتها الملائكة فوقفت بين السماء والأرض (6).
¥