[التفصيل في حكم عبارة: " لولا النبي ما خلق الله السماوات والأرض "، أرجو الإثراء]
ـ[الطارق بخير]ــــــــ[17 - 02 - 03, 05:26 م]ـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – [الفتاوى (11/ 96)]:
(ومحمد سيد ولد آدم، وأفضل الخلق، وأكرمهم عليه [أي على الله]، ومن هنا قال من قال:
(إن الله خلق من أجله العالم)، (أو انه لولا هو لما خلق عرشا، ولا كرسيا، ولا سماء، ولا أرضا، ولا شمسا، ولا قمرا)،
لكن ليس هذا حديثا عن النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم -، لا صحيحا، ولا ضعيفا،
ولم ينقله أحد من أهل العلم بالحديث عن النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم -، بل ولا يعرف عن الصحابة،
بل هو كلام لا يُدرى قائله،
ويمكن أن يفسر بوجه صحيح، كقوله: " سخر لكم ما في السموات وما في الأرض "،
وقوله: " وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها "،
وأمثال ذلك من الآيات التي يبين فيها أنه خلق المخلوقات لبني آدم،
ومعلوم أن لله فيها حكما عظيمة غير ذلك، وأعظم من ذلك، ولكن يبين لبني آدم ما فيها من المنفعة، وما أسبغ عليهم من النعمة.
فإذا قيل: (فعل كذا لكذا) لم يقتض أن لا يكون فيه حكمة أخرى،
وكذلك قول القائل: (لو لا كذا ما خلق كذا) لا يقتضي أن لا يكون فيه حكم أخرى عظيمة،
بل يقتضي إذا كان أفضل صالحي بنى آدم محمد – صلى الله عليه وسلم -، وكانت خلقته غاية مطلوبة، وحكمة بالغة مقصودة أعظم من غيره،
صار تمام الخلق ونهاية الكمال حصل بمحمد - صلى الله تعالى عليه وسلم - والله خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، وكان آخر الخلق يوم الجمعة، وفيه خلق آدم، وهو آخر ما خُلق، خُلق يوم الجمعة بعد العصر في آخر يوم الجمعة،
وسيد ولد آدم هو محمد - صلى الله تعالى عليه وسلم -، آدم فمن دونه تحت لوائه، قال - صلى الله تعالى عليه وسلم -:
" إني عند الله لمكتوب خاتم النبيين، وإن آدم لمنجدل في طينته "،
أي كتبت نبوتي، أظهرت لما خلق آدم قبل نفخ الروح فيه، كما يكتب الله رزق العبد، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد إذا خلق الجنين، قبل نفخ الروح فيه،
فاذا كان الإنسان هو خاتم المخلوقات وآخرها، وهو الجامع لما فيها، وفاضله هو فاضل المخلوقات مطلقا، ومحمد إنسان هذا العين، وقطب هذه الرحى، وأقسام هذا الجمع، كان كأنها غاية الغايات في المخلوقات،
فما يُنكر أن يقال: (إنه لأجله خُلقت جميعها)، (وأنه لولاه لما خلقت)،
فإذا فسر هذا الكلام، ونحوه بما يدل عليه الكتاب والسنة، قبل ذلك.
وأما إذا حصل في ذلك غلو من جنس غلو النصارى بإشراك بعض المخلوقات في شيء من الربوبية، كان ذلك مردودا غير مقبول،
فقد صح عنه - صلى الله تعالى عليه وسلم - أنه قال: " لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله، ورسوله "،
وقد قال تعالى: " يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروحٌ منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد ") اهـ.