فالصفا جبل والمروة جبل وقد شهد ثلاثون شاهداً من كبار السن بأنهم يعرفون الجبلين وقد شاهدوا امتدادهما خارج طرفي المسعى قبل توسعة الملك سعود بما يدخل توسعة الملك عبدالله فيما بين الجبلين - جبلي الصفا والمروة - فأي تغيير في المشعرين الصفا والمروة - يا أخي صالح؟
فالمسعى السابق وما لحقه من توسعة الملك عبدالله لا يزال مسعى والسعي فيهما سعي بين المشعرين الصفا والمروة.
الوقفة الثانية:
قال - حفظه الله - بعد أن أورد نصا في صفة سعي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه سعى بين الصفا والمروة وقال: خذوا عني مناسككم. قال فضيلته: والبينية تقتضي ألا يخرج عما بينهما في السعي. ونحن مع فضيلته فيما قال بأن السعي لا يصح إلا أن يكون بين المشعرين الصفا والمروة.
لكننا نقول: - هداك الله وأرشدك للحق - هل لديك دليل عقلي أو نقلي من كتاب الله أو من سنة رسوله على أن هذه التوسعة خارجة عن بينية ما بين الصفا والمروة؟ ألا يكفيك ثلاثون شاهداً كلهم أكبر منك سنا وغالبهم من أهل مكة وأهل مكة أدرى بشعابها وكلهم يشهدون شهادة لا لبس فيها ولا غموض ولا احتمال على أنهم شاهدوا - قبل توسعة الملك سعود - جبلي الصفا والمروة ممتدين نحو الشمال الشرقي إلى ما خلف توسعة الملك عبدالله فهل البينية مفقودة في التوسعة الأخيرة؟ يا فضيلة الشيخ أنت تعلم وليس مثلك الآن يُعلّم أن دم المسلم حرام.
فإذا كان محصنا وثبت عليه الزنا بشهادة أربعة شهود حل دمه وتعين إقامة حد رجمه. وكذلك الأمر فيمن ثبت عليه قتله أخاه المسلم عمداً عدواناً يقتل قصاصاً بشهادة عدلين.
فأين هذا من شهادة ثلاثين شاهداً منهم عالم من علماء المسلمين وفقهائهم ومفتيهم هو سماحة الشيخ عبدالله بن جبرين؟ ألا يكفيك ذلك بأن هذه التوسعة لا تخرج عن أن تكون بين الصفا والمروة؟
الوقفة الثالثة:
يقول فضيلته بأن المسعى قضية دينية لا دخل للرأي فيها.
فهل - حفظك الله - دخلت الآراء فيها؟ أليس القول بأن التوسعة الجديدة هي تطبيق للبينية بين الصفا والمروة يعد رأياً؟. فالأمر لم يتجاوز أن يكون المسعى قضية دينية لا دخل للرأي فيها، أعند فضيلتكم دليل من كتاب الله أو من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم أو من أي عالم من علماء المذاهب الإسلامية على أن هذه التوسعة خارجة عن البينية بين الصفا والمروة وهل قال أحد من علماء المسلمين إن السعي في المسعى من قضايا الخلاف؟
الوقفة الرابعة:
احتج فضيلته بقرار اللجنة المشكلة في عهد الملك سعود رحمه الله والمؤيد قرارها من شيخنا الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله فهذا احتجاج في غير محله لما يلي:
قرار اللجنة عالج تعرجات المسعى من حيث الطول وأما العرض فقد جاء في القرار أن اللجنة اطلعت على كلام أهل العلم في المذاهب الإسلامية وذكرت أن الحنابلة لم يذكروا في كتبهم فيما اطلعت عليه اللجنة نصوصاً تتعلق بعرض المسعى وبعض الشافعية قالوا بأن عرض المسعى لم يتعرض له من قبل أصحابهم لعدم الحاجة إليه.
والمسألة تتعلق بعرض المسعى لا بطوله، وعرض المسعى قدره عرض الجبلين المشعرين الصفا والمروة فمن سعى بين الصفا والمروة سواء أكان سعيه بين طرفي الجبلين مما يلي الحرم أم بين طرفي الجبلين مما يلي شعب علي والمُدَّعى أم كان سعيه بين وسطي الجبلين الصفا والمروة كل ذلك سعي يصدق عليه أنه طوف بهما - أي سعى بينهما - وقد ثبت أن توسعة الملك عبدالله للمسعى لم تخرج عن أن تكون بين الصفا والمروة.
وإذا كان عند فضيلته ما يثبت أن هذه التوسعة خارجة عن البينية بين الصفا والمروة فعلى فضيلته عبء الإثبات.
وإن قال فضيلته بأن الأصل النفي فنقول لفضيلته عندنا إثبات بأن التوسعة لم تخرج عما بين جبلي الصفا والمروة. وهذا الإثبات يتجاوز حد التواتر فلا محل للنفي بجانب الثبوت وفضيلته أحد علماء الأصول يعرف ذلك ويقرره.
¥