تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال ابن حجر: وفي الحديث تحريم الظلم والغصب، وتغليظ عقوبته، وإمكان غصب الأرض، وأنه من الكبائر، قاله القرطبي، وكأنه فرعه على أن الكبيرة ما ورد فيه وعيد شديد، وأن من ملك أرضا ملك أسفلها إلى منتهى الأرض، وله أن يمنع من حفر تحتها سربا أو بئرا بغير رضاه، وفيه أن من ملك ظاهر الأرض ملك باطنها بما فيه من حجارة ثابتة وأبنية ومعادن وغير ذلك، وأن له أن ينزل بالحفر ما شاء، ما لم يضر بمن يجاوره. اهـ. (3).

وقال العيني: بعد أن ساق حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من ظلم من الأرض شيئا طوقه من سبع أرضين» (1) (2):

ذكر ما يستفاد منه: فيه دليل على أن من ملك أرضا ملك أسفلها إلى منتهاها، وله أن يمنع من حفر تحتها سربا أو بئرا، سواء أضر ذلك بأرضه أو لا، قاله الخطابي، وقال ابن الجوزي: لأن حكم أسفلها تبع لأعلاها، وقال القرطبي: وقد اختلف فيما إذا حفر أرضه فوجد فيها معدنا أو شبهه فقيل: هو له، وقيل: بل للمسلمين، وعلى ذلك فله أن ينزل بالحفر ما شاء ما لم يضر بجاره، وكذلك له أن يرفع في الهواء المقابل لذلك القدر من الأرض من البناء ما شاء ما لم يضر بأحد. اهـ.

وقال الأبي (3): قوله: «من ظلم شبرا من الأرض» (4). . . واستدل بعضهم على أن من ملك ظاهر الأرض يملك ما تحته مما يقابله، فله منع من يتصرف فيه أو يحفر، وقد اختلف العلماء في هذا الأصل فيمن اشترى دارا فوجد فيها كنزا أو وجد في أرضه معدنا، فقيل: له، وقيل: للمسلمين.

ووجه الدليل من الحديث: أنه غصب شبرا فعوقب بحمله من سبع أرضين. . . إلى أن قال: وكذلك يملك ما قبل ذلك من الهواء يرفع فيه من البناء ما شاء ما لم يضر بأحد. اهـ.

فدل ما تقدم على أن حكم أعلى الأرض وأسفلها تابع لحكمها في التملك والاختصاص ونحوهما، وعلى ذلك يمكن أن يقال: إن السعي فوق الطابق الذي جعل سقفا لأرض المسعى له حكم السعي على أرض المسعى.

الأمر الثاني: وقد جاءت أحاديث في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية ابن عباس: «أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت وهو على بعير،» (1) ومن رواية أم سلمة: «شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أشتكي، فقال: طوفي وأنت راكبة» (2)، وقد بوب البخاري في [صحيحه] فقال: (باب المريض يطوف راكبا) ثم ساق الحديثين السابقين: حديث ابن عباس، وحديث أم سلمة، قال ابن حجر (3): أن المصنف حمل سبب طوافه صلى الله عليه وسلم راكبا على أنه كان عن شكوى، وأشار بذلك إلى ما أخرجه أبو داود من حديث ابن عباس بلفظ: «قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة وهو يشتكي فطاف على راحلته» (4) (5)، ووقع في حديث جابر عند مسلم: «أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف راكبا ليراه الناس وليسألوه. وطاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على راحلته يستلم الحجر بمحجنه؛ ليراه الناس، ويشرف ليسألوه».

فيحتمل أن يكون فعل ذلك لأمرين، وحينئذ لا دلالة فيه على جواز الطواف راكبا لغير عذر، وكلام الفقهاء يقتضي الجواز، إلا أن المشي أولى والركوب مكروه تنزيها، والذي يترجح المنع، لأن طوافه صلى الله عليه وسلم وكذا أم سلمة كان قبل أن يحوط المسجد، ووقع في حديث أم سلمة: «طوفي من وراء الناس» (1)، وهذا يقتضي منع الطواف في المطاف، وإذا حوط المسجد امتنع داخله، إذ لا يؤمن التلويث، فلا يجوز بعد التحويط، بخلاف ما قبله، فإنه كان لا يحرم التلويث كما في المسعى، وعلى هذا فلا فرق في الركوب إذا ساغ بين البعير والفرس والحمار، وأما طواف النبي صلى الله عليه وسلم راكبا فللحاجة إلى أخذ المناسك عنه ولذلك عده بعض من جمع خصائصه فيها. اهـ.

وفي [صحيح البخاري] بإسناده إلى ابن عباس رضي الله عنهما. قال: «طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن» (2).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير