تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال العيني: وأخرج مسلم عن أبي الطفيل: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت ويستلم الركن بمحجن» (3)، وروى مسلم عن جابر: «طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على راحلته يستلم الحجر بمحجنه، ليراه الناس، وليشرف ليسألوه». . . قال: ذكر معناه قوله: «طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على بعير» (4). قال ابن بطال: استلامه بالمحجن راكبا يحتمل أن يكون لشكوى به. . . إلى أن قال: وقال النووي: قال أصحابنا: الأفضل أن يطوف ماشيا، ولا يركب إلا لعذر من مرض ونحوه، أو كان يحتاج إلى ظهوره ليستفتى ويقتدى به، فإن كان لغير عذر جاز بلا كراهة، لكنه خلاف الأولى. . . إلى أن قال: وقال مالك وأبو حنيفة: إن طاف راكبا لعذر أجزأ ولا شيء عليه، وإن كان لغير عذر فعليه دم، قال أبو حنيفة: وإن كان بمكة أعاد الطواف. اهـ (5).

وقال السرخسي: وإن طاف راكبا أو محمولا؛ فإن كان لعذر من مرض أو كبر لم يلزمه شيء، وإن كان لغير عذر أعاده ما دام بمكة، فإن رجع إلى أهله فعليه الدم عندنا، وعلى قول الشافعي لا شيء عليه؛ لأنه صح في الحديث: «أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف للزيارة يوم النحر على ناقته واستلم الأركان بمحجنه» (1).

ولكن نقول: المتوارث من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا الطواف ماشيا، وهذا على قول من يجعله كالصلاة؛ لأن أداء المكتوبة راكبا من غير عذر لا يجوز، فكان ينبغي أن لا يعتد بطواف الراكب من غير عذر، ولكنا نقول: المشي شرط الكمال فيه، فتركه من غير عذر يوجب الدم؛ لما بينا، فأما تأويل الحديث فقد ذكر أبو الطفيل رحمه الله أنه طاف راكبا لوجع أصابه، وهو أنه وثبت رجله؛ فلهذا طاف راكبا، وذكر أبو الزبير عن جابر: «أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف راكبا لكبر سنه»، وعندنا إذا كان لعذر فلا بأس به، وكذلك إذا طاف بين الصفا والمروة محمولا أو راكبا، وكذلك لو طاف الأكثر راكبا أو محمولا فالأكثر يقوم مقام الكل على ما بينا. ا هـ (2).

وقال ابن الهمام: على قول صاحب [الهداية]: (وإن أمكنه أن يمس الحجر شيئا في يده) كالعرجون وغيره، ثم قبل ذلك فعل؛ لما روي: «أنه عليه السلام طاف على راحلته واستلم الأركان بمحجنه» (3)، وقوله: وإن أمكنه أن يمس الحجر شيئا في يده أو يمسه بيده، ويقبل ما مس به - فعل،أما الأول فلما أخرج الستة إلا الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما: «أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف في حجة الوداع على راحلته يستلم الحجر بمحجنه؛ لأن يراه الناس ويشرف، وليسألوه، فإن الناس غشوه» (1).

وأخرجه البخاري عن جابر إلى قوله: لأن يراه الناس، ورواه مسلم عن أبي الطفيل: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت على راحلته ويستلم الركن بمحجن معه ويقبل المحجن» (2) ثم أورد إشكالا حديثيا وهو: أن الثابت بلا شبهة: أنه عليه السلام رمل في حجة الوداع، وطوافه راكبا على البعير ينافي ذلك. . . إلى أن قال: والجواب: أن في الحج للآفاقي أطوفة، فيمكن كون المروي من ركوبه كان في طواف الفرض يوم النحر ليعلمهم، ومشيه كان في طواف القدوم، وهو الذي يفيده حديث جابر الطويل؛ لأنه حكى ذلك الطواف الذي بدأ به أول دخوله مكة المكرمة، كما يفيده سوقه للناظر فيه.

فإن قلت: فهل يجمع بين ما عن ابن عباس وعائشة رضي الله عنهما: «إنما طاف راكبا ليشرف ويراه الناس فيسألوه» وبين ما عن سعيد بن جبير: «أنه إنما طاف كذلك؛ لأنه كان يشتكي» كما قال محمد: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان: أنه سعى بين الصفا والمروة مع عكرمة، فجعل حماد يصعد الصفا وعكرمة لا يصعد، ويصعد حماد المروة وعكرمة لا يصعد، فقال حماد: يا أبا عبد الله، ألا تصعد الصفا والمروة، فقال: هكذا كان طواف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال حماد: فلقيت سعيد بن جبير فذكرت له ذلك، فقال: إنما طاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على راحلته وهو شاك يستلم الأركان بمحجن، فطاف بين الصفا والمروة على راحلته، فمن أجل ذلك لم يصعد. اهـ (1).

وقال الدسوقي: (قوله: إذ هو واجب. . . إلخ).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير