تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأمين بذلك، قال ابن حجر: "والجود الكرم، والجود في الشرع إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي، وهو أعم من الصدقة، وأيضا فرمضان موسم الخيرات؛ لأن نعم الله على عباده فيه زائدة على غيره، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يؤثر متابعة سنة الله في عباده" وكما كان الرسول في رمضان أجود ما يكون حتى يفوق الريح المرسلة، فكذلك كان تاليا للقرآن يتدارسه مع جبريل عليه السلام كل ليلة، مما يبين أهمية العناية بقراءة القرآن وأن هذه العناية تبلغ ذروتها وحدها الأقصى في رمضان، فرمضان الشهر الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، وحري بالمسلم في شهر القرآن أن يخصه بمزيد من القراءة، وللسلف في قراءة القرآن شأن عجيب فقد كان بعضهم يختم القرآن في عدة أيام وبعضهم يختمه في ليلة أو ليلتين، فقرأ عثمان بن عفان القرآن في ركعة وأبي بن كعب رضي الله تعالى عنه كان يختم القرآن في ثماني ليال وكان تميم الداري يختمه في سبع، وكان سعيد بن جبير يختم القرآن في كل ليلتين، وكان الأسود النخعي يختم القرآن في شهر رمضان في كل ليلتين، وكان قتادة يختم القرآن في سبع، وإذا جاء رمضان ختم في كل ثلاث، فإذا جاء العشر ختم كل ليلة، وكان الشافعي يختم القرآن في رمضان ستين ختمة وفي كل شهر ثلاثين ختمة.

قال ابن معين: أقام يحيى القطان عشرين سنة يختم في كل ليلة، ولم تفته الزوال في المسجد أربعين سنة، وقال البغوي عن زهير محمد بن قمير المروزي البغدادي الحافظ: ما رأيت بعد الإمام أحمد بن حنبل أفضل منه، كان يختم في رمضان تسعين ختمه، وكان عبد الجبار بن خالد بن عمران السرتي من عقلاء شيوخ إفريقية. من أصحاب سحنون يختم القرآن في كل ليلتين من رمضان، والقصص في ذلك أكثر من أن يحصر، ولا شك أن الالتزام بالهدي النبوي في قراءة القرآن أولى من غيره وأفضل، وهو المنع من قراءته في أقل من ثلاث، لكن هذا التصرف من هؤلاء الأجلاء دليل على مزيد عنايتهم بالقرآن واعتنائهم به خاصة في مواسم الخيرات.

وفي شهر الصيام وقراءة القرآن والقيام كان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يجتهد في رمضان غاية الاجتهاد في قيام الليل وكلما جاءت الليالي الفضلى اشتد اجتهاده فيها عما سبقها من الليالي، فعن عائشة رضي الله عنها، قالت: "كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم-إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وشد المئزر" فهو صلى الله عليه وسلم يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره، وكان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد فيما تقدم منه، وإذا علمنا أن رسولنا صلى الله عليه وسلم كان يقوم في غير رمضان حتى تتفطر قدماه، فلنا أن نتصور ماذا يكون عليه الحال في رمضان حيث يجتمع فضل الصيام والتلاوة والقراءة والقيام.

وفي رمضان ليلة القدر، التي من وفقه الله لقيامها كانت له بمثابة عمل أفضل من ألف شهر، فهو عمل قليل وجزاء عميم عظيم من رب كريم رحيم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"، فهي بلا شك ليلة عظيمة من وفقه الله تعالى لقيامها جمع من الفضل والأجر ما لا يجمعه غيره في عشرات السنين

وعندما يتأمل الإنسان ما في رمضان من مجالات متعددة للمسارعة في الخيرات يتعجب أشد العجب ممن لم يكن همه في تلك السويعات سوى المتاجرة وتحصيل حطام الدنيا حتى يكون حظه في رمضان من القراءة والذكر والقيام، أدنى من حظه من ذلك في غير رمضان، فكثير ممن جعل الدنيا همه نظر إلى رمضان على أنه موسم للكسب والتجارة وتنمية الثروة، وإن نقص رصيده الإيماني، وقد يستغرب الإنسان حينما يقارن ذلك بما كان عليه كثير من العلماء من تركهم الاشتغال بالعلم في هذا الشهر مع فضل العلم وعظيم أجره، اشتغالا بما فيه من العبادة من الذكر والقيام وقراءة القرآن.

والعناية بالعبادة في رمضان لا تعنى أن يقصر المسلم فيما وجب عليه من الأمور فإن غزوة بدر الكبرى التي نصر الله فيها الإيمان وجنده وخذل الشرك وأهله لم تكن إلا في رمضان، وإن فتح مكة الذي سمي الفتح الأكبر لم يحدث إلا في رمضان وانتصار المسلمين على التتار لم يكن إلا في رمضان، وكثير من المعارك الفاصلة في تاريخ الإسلام والمسلمين قد جرت في شهر رمضان وأبلي المؤمنون فيها بلاء حسنا، ولم تعقهم العبادة في هذا الشهر على القيام بذلك، نسأل الله بمنه وفضله أن يرزقنا بركة هذا الشهر وأن يجعلنا من الذين وفقهم لقيام ليلة القدر ونسأله تعالى أن يجعلنا من المسارعين في الخيرات وخاصة في مواسم الفضل والشرف

ـ[مهاجرة الى ربى]ــــــــ[30 - 11 - 09, 11:31 ص]ـ

جزاك الله خيرا

اللهم انا نسألك ان تجعلنا سباقين للخيرات

ـ[محمد القحطاني]ــــــــ[26 - 12 - 09, 02:20 ص]ـ

جزاكم الله خير

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير