جديد .. حكمُ السَّعْيِ في المسْعى الجديد للشيخ علوي السقاف وقُرِأ على الشيخ البراك
ـ[عبد الله زقيل]ــــــــ[12 - 09 - 08, 06:33 م]ـ
حكمُ السَّعْيِ في المسْعى الجديد
بقلم المشرف على موقع الدرر السنية
الشيخ علوي بن عبدالقادر السَّقَّاف
[email protected]
12/9/1429 هـ
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين والصلاةُ والسلامُ على رسوله الأمين أما بعد
فقد كنتُ كتبتُ قبلَ خمسةِ أشهرٍ بتاريخ 16/ 4/1429هـ مقالاً بعنوان (وقفاتٌ مع موضوعِ المسعى الجديد) تساءلتُ فيه عن موقفِ المسلم من هذه التغييرات الجديدة التي طرأت على المسعى، وعن تأثيرها على بعض أحكامِ الحجِّ والعمرةِ، ولم يكن من المناسبِ آنذاك الحديثُ عن إجابة محدَّدةٍ عن هذه التساؤلات، فلذا اكتفيتُ بإيرادِ أقوى الاحتمالاتِ التي يمكنُ أن يؤولَ الأمرُ إليها، فذكرتُ منها آنذاك: (الأول: أن يكون المسعى الجديد في اتجاهٍ واحدٍ من الصفا إلى المروة، والقديم في اتجاهٍ واحدٍ أيضاً من المروة إلى الصفا، وهذا هو ما صُمِّمَ له حسب اطلاعي على المخططات ... الثاني: أن يكون كلٌّ من المسعيين القديمِ والجديدِ باتجاهين، فيكون السَّعيُ في مبنى المسعى الجديد من بابِ الاختيار لا الإجبار).
ولما لم يُحسم الأمرُ في ذلك الحين، وأملاً في تغيرِ الأحوال، أمسكتُ عن ذكرِ رأيٍ أو بيانِ حكمٍ فيما يتعلق بالسَّعي، أمَّا الآن وقد أسفرتِ الأمورُ عما كان الكثيرُ منا يخشاه- ولا حول ولا قوة إلا بالله - فلا بُدَّ من الحديث عن هذه القضية؛ أعني كيفية أداءِ العمرةِ في ظلِّ هذا التغيير، وهو الذي تمَّ بِمُوجبه دمجُ المسعيين الجديد والقديم (بعد إعادة بنائه)، حتى أصبح المسعى الجديدُ كلُّه باتجاه (الصفا - المروة)، والقديمُ كلُّه (بعد إعادة بنائه) بالاتجاه الآخر (المروة - الصفا).
خاصَّةً وقد ظهرتْ خِلالَ هذه المدةِ فتاوى وبياناتٌ من عددٍ من كبارِ العلماءِ: كالشيخ صالح اللحيدان والشيخ عبدالرحمن البراك والشيخ صالح الفوزان والشيخ عبدالمحسن العباد وغيرهم- وبحوثٌ علميةٌ مؤصَّلةٌ، منها:
1 - (حسنُ المسعى في الردِّ على القولِ المحدثِ في عرضِ المسعى) للشريف محمد الصَّمداني
2 - (كلمةُ حقٍّ في توسعة المسْعى) للدكتور صالح سندي
3 - (السَّعْيُ في المسْعى الجديد) للصادق بن عبدالرحمن الغرياني
وهذه الفتاوى والبيانات والبحوث أجْلَتِ الأمرَ، وأظهرت بالأدلةِ الشرعيَّةِ والتاريخيَّةِ واللغويَّةِ أنَّ موضع المسعى الجديد خارج حدودِ الصفا والمروة عرضاً، وردَّت على جميع الشُّبهات التي استند إليها المجوِّزون، وعليه فلا عذرَ لأحدٍ أن يسعى في المسعى الجديد (المُحْدَث) إلا أن يكون عاميٍّا قلَّد غيره فهو على ذمةِ من قلَّده.
وأُحِبُّ قبل ذلك أن أذكِّر إخواني المسلمين لاسيما من فريق المانعين، أنَّ ما يجري الآن لا يعدو أن يكون نازلةً، والنوازلُ لا تدوم، فكمْ من نازلةٍ نزلت بالمسلمين ثم رفعها الله عنهم، فظفرَ الصابرون، وكُتب أجرُهم عند الله، وخلَّد ذكرَهم التاريخُ، فنسألُ اللهَ عزَّ وجلَّ أنْ يعجِّلَ بالفرجِ ويكشفَ الكَرْبَ، وفي الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه (1252) بسنده عن حنظلة الأسلمي قال سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يحدث عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (وَالَّذِى نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُهِلَّنَّ ابْنُ مَرْيَمَ بِفَجِّ الرَّوْحَاءِ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا أَوْ لَيَثْنِيَنَّهُمَا) (أي: يقرن بينهما)؛ما يَدِلُّ على أنَّ نبي الله عيسى ابن مريم عليه السلام سينزلُ من السماءِ ويطوفُ ويسعى، ونحنُ على يقينٍ أنه سيسعى في مسعى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولن يسعى في مسعًى مُحْدَثٍ خارجَ حدودِ الصفا.
ثم ليُعلم أنَّ كثرةَ القائلينَ بالجواز، وتراجع بعض من كان يقول بالمنع، لا ينبغي أن يؤثِّرَ على الحكمِ الشرعي؛ إذ إنَّ مناطَ صحةِ الأحكامِ موافقتُها للأدلةِ من الكتابِ والسُّنةِ وإجماعِ الأمَّةِ، وحيث إنَّه قد ثبتَ تتابع عملِ المسلمين، تبعاً لمنصوصِ علمائهم، قرناً بعد قرن، على أنَّ ما عُرفَ بالمسعى القديم (النبوي)، هو المساحةُ المستغرقةُ لشعيرةِ الصفا والمروة، فلا يسوغ إحداثُ تغييرٍ يأتي على ما استقرَّ في هذه الشعيرةِ بالنقض، إلا بيقينٍ، لاسيما أنه تأيَّد بعددٍ من القواعدِ الشرعيَّةِ؛ فالأصلُ استصحابُ
¥