عموما اقرأ كلام ابن القيم جيد
الفصل الخامس
في أحكام صيافهتم للمارة بهم وما يتعلق بذلك
فصل
قالوا وأن نضيف كل مسلم عابر سبيل ثلاثة أيام ونطعمه من أوسط ما نجد
هكذا في كتاب الشروط ثلاثة أيام وقال يحيى بن سعيد عن عبيد الله عن نافع عن أسلم كتب عمر إلى أمراء الجزيرة أن لا تضربوا جزية على النساء والصبيان 000 وأن يضيفوا من نزل بهم من المسلمين ثلاثا
والأصل في ذلك من السنة ما رواه أبو عبيد في كتاب الأمول
حدثني أبو أيوب الدمشقي قال حدثني سعدان بن يحيى عن عبيد الله بن أبي حميد عن أبي المليح الهذلي أن رسول الله صالح أهل نجران فكتب لهم كتابا نسخته بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما كتب محمد رسول الله صالح أهل نجران 00000 وفيه
===وعلى أهل نجران مقرى رسلي عشرين ليلة فما دونها ===
فهذا هو الأصل في وجوب الضيافة على أهل الذمة سنه رسول الله وسنه الخليفة الراشد عمر رضي الله عنه وفي ذلك مصلحة لأغنياء المسلمين وفقرائهم
أما الأغنياء فإنه إذا لم يكن على أهل الذمة ضيافتهم فربما إذا دخلوا بلادهم لا يبيعونهم الطعام ويقصدون الإضرار بهم فإذا كانت عليهم ضيافتهم تسارعوا إلى منافعهم خوفا من أن ينزلوا عليهم للضيافة فيأكلون بلا عوض
وأما مصلحة الفقراء فهو ما يحصل لهم من الارتفاق فلما كان في ذلك مصلحة لعموم المسلمين جاز اشتراطه على أهل الذمة
قال الخلال في الجامع باب في الضيافة التي شرطت عليهم
أخبرني محمد بن علي حدثنا مهنا أنه سأل أبا عبدالله عن حديث ابن أبي ليلى جعل عمر رضي الله عنه على أهل السواد وعلى أهل الجزية يوما وليلة قال قلت لأحمد ما يوم وليلة؟ قال يضيفونهم
وقال حمدان بن علي قلت لأحمد عمر بن الخطاب رضي الله عنه جعل على أهل السواد وأهل الجزية يوما وليلة فكنا إذا تولينا عليهم قالوا شبا شبا قلت لأحمد ما يوم وليلة؟ قال يضيفونهم قلت ما قولهم شبا شبا؟ قال هو بالفارسية ليلة ليلة
وقال عبدالله بن أحمد حدثني أبي قال حدثني وكيع ثنا هشام عن قتادة عن الحسن عن الأحنف بن قيس أن عمر رضي الله عنه شر ط على أهل الذمة ضيافة يوم وليلة وأن يصلحوا القناطر وإن قتل رجل من المسلمين بأرضهم فعليهم ديته
قال وحدثنا أبي حدثنا وكيع عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب أن عمر رضي الله عنه اشترط على أهل الذمةضيافة يوم وليلة فإن حبسهم مطر أو مرض فيومين فإن مكثوا أكثر من ذلك أنفقوا من أموالهم ويكلفون ما يطيقون
قال القاضي في الأحكام السلطانية وإذا صولحوا على ضيافة ثلاثة أيام من يمر بهم من المسلمين قدرت عليهم وأخذوا بها ثلاثة أيام لا يزادون عليها كما صالح عمر نصارى الشام على ضيافة من يمر بهم من المسلمين ثلاثة أيام مما يأكلون لا يكلفونهم ذبح شاة ولا دجاجة وتبن دوابهم من غير شعير
في حق أهل الذمة فلا يمكن أن يقال ذلك فإن الثلاثة إن كانت مشروطة عليهم فهي حق لازم عليهم القيام به للمسلمين وإن لم تكن مشروطة عليهم لم يجز للمسلمين تناول ما زاد على اليوم والليلة إلا برضاهم وحينئذ لا فرق بين الثلاثة وما زاد عليها وعمر رضي الله عنه لم يشرط على طائفة معينة بل شرط على نصارى الشام والجزيرة وغيرهما ففي شرطه على نصارى الشام والجزيرة ضيافة ثلاثة أيام ليسارهم وإطاقتهم ذلك وأما نصارى السواد فشرط عليهم يوما وليلة لأن حالهم كان دون حال نصارى الشام والجزيرة
فكان عمر رضي الله عنه يراعي في ذلك حال أهل الكتاب كما كان يراعي حالهم في الجزية وفي الخراج فبعضهم شرطها عليهم يوما وليلة وبعضهم شرطها عليهم ثلاثا
إذا عرف هذا فعمر رضي الله عنه لم يشترط قدر الطعام والإدام والعلف فلا يشترط ذلك وإنما يرجع فيه إلى عادة كل قوم وعرفهم وما لا يشق عليهم فلا يجوز للضيف أن يكلفهم اللحم والدجاج وليس ذلك غالب قوتهم
بل يجب عليه أن يقبل ما يبذلونه من طعامهم المعتاد كما أوجب الله سبحانه الإطعام في الكفارة من أوسط ما يطعم المكفر أهله من غير تقدير وكما أوجب النبي النفقة على الزوجة والمملوك بالعرف من غير تقدير فهذه سنته وسنة خلفائه في هذا الباب وبالله التوفيق
وهذا الضيافة قدر زائد على الجزية ولا تلزمهم إلا بالشرط ويكفي شرط عمر رضي الله عنه على ممر الأزمان سواء شرطه عليهم من بعده من الأئمة أو لم يشرطه لأن شرطه سنة مستمرة ولهذا عمل به الأئمة بعده واحتج الفقهاء بالشروط العمرية وأوجبوا اتباعها
هذا هو الصحيح كما أن شرطه عليهم في الجزية مستمر وإن لم يجدده عليهم إمام الوقت وكذلك عقد الذمة لمن بلغ من أولادهم وإن لم يعقد لهم الإمام الذمة
قال الشافعي وتقسم الضيافة على عدد أهل الذمة وعلى حسب الجزية التي شرطها فيقسم ذلك بينهم على السواءوإن كان فيهم الموسر والمتوسط والمقل قسطت الضيافة على ذلك
قال الشافعي ويذكر ما يعلف به الدواب من التبن والشعير وغير ذلك
قال ويشترط عليهم أن ينزلوا في فضول منازلهم وكنائسهم ما يكنون فيه من الحر والبرد منها إذ الضيف محتاج إلى موضع يسكن فيه ويأوي إليه ما يحتاج إلى طعام يأكله
انتهى كلامه باختصار
¥