وهو دليل على وجوب المبيت ليالي أيام التشريق بمنى كما أنه دليل على أن ما وراء جمرة العقبة، مما يلي مكة، ليس من منى، وهو معروف،
ومذهب أبي حنيفة: هو أن عدم المبيت بمنى ليالي منى مكروه، ولو بات بغير منى لم يلزمه شيء، عند أبي حنيفة، وأصحابه، لأنهم يرون أن المبيت بمنى لأجل أن يسهل عليه الرمي، فلم يكن من الواجبات عندهم.
ومذهب الشافعي في هذه المسألة: هو أن في المبيت بمنى ليالي منى طريقتين، أصحهما، وأشهرهما فيه قولان أصحهما: أنه واجب، والثاني: أنه سنة، والطريق الثاني أنه سنة قولاً واحداً فعلى القول بأنه واجب، فالدم واجب في تركه، وعلى أنه سنة، فالدم سنة في تركه، ولا يلزم عندهم الدم، إلا في ترك المبيت في الليالي كلها، لأنها عندهم كأنها نسك واحد، وإن ترك المبيت في ليلة من الليالي الثلاث، ففيه الأقوال المذكورة في ترك الحصاة الواحدة عندهم أصحها أن في ترك مبيت الليلة الواحدة عدا، والثاني: أن فيه درهماً، والثالث: أن فيه ثلث دم كما تقدم، وحكم الليلتين معلوم كما تقدم.
ومذهب الإمام أحمد في هذه المسألة: أن المبيت بمنى ليالي منى واجب، فلو ترك المبيت بها في الليالي الثلاث. فعليه دم على الصحيح من مذهبه، وعنه: يتصدق بشيء، وعنه: لا شيء عليه فإن ترك المبيت في ليلة من لياليها، ففيه ما في الحصاة الواحدة من الأقوال التي قدمنا، قل من وقيل: درهم، وقيل، ثلث دم.
فإذا عرفت أقوال أهل العلم في هذه المسألة فاعلم أن أظهر الأقوال دليلاً أن المبيت بمنى أيام منى نسك من مناسك الحج، يدخل في قول ابن عباس: من نسي من نسكه شيئاً، أو تركه فليهرق دماً.
والدليل على ذلك ثلاثة أمور.
الأول: أن النَّبي صلى الله عليه وسلم بات بها الليالي المذكورة وقال «لتأخذوا عني مناسككم» فعلينا أن نأخذ من مناسكنا البيتوتة بمنى الليالي المذكورة.
الثاني: هو ما ثبت في الصحيحين: أن النَّبي صلى الله عليه وسلم رخص للعباس أن يبيت بمكة أيام منى، من أجل سقايته وفي رواية: أذن للعباس.
وقال ابن حجر في فتح الباري في شرح حديث الترخيص للعباس المذكور عند البخاري ما نصه: وفي الحديث دليل على وجوب المبيت بمنى وأنه من مناسك الحج، لأن التعبير بالرخصة يقتضي أن مقابلها عزيمة، وأن الإذن وقع للعلة المذكورة، وإذا لم توجد هي أو ما في معناها لم يحصل الإذن وبالوجوب قال الجمهور: وفي قول للشافعي ورواية عن أحمد، وهو مذهب الحنفية: أنه سنة ووجوب الدم بتركه مبني على هذا الخلاف، ولا يحصل المبيت إلا بمعظم الليل انتهى محل الغرض عنه. وما ذكره من أخذ الوجوب من الحديث المذكور واضح.
وقال النووي في شرح مسلم في الكلام على الحديث المذكور: هذا يدل لمسألتين.
إحداهما: أن المبيت بمنى ليالي أيام التشريق مأمور به، وهذا متفق عليه، لكن اختلفوا هل هو واجب أو سنة؟ وللشافعي قولان، أصحهما: واجب وبه قال مالك، وأحمد، والثاني: سنة. وبه قال ابن عباس، والحسن وأبو حنيفة، فمن أوجبه أوجب الدم في تركه وإن قلنا سنة لم يجب الدم بتركه، ولكن يستحب انتهى محل الغرض منه
وكأنه يقول: إن الحديث لا يؤخذ منه الوجوب، ولكن يؤخذ منه مطلق الأمر به لأن رواية مسلم ليس فيها لفظ الترخيص، وإنما فيها التعبير بالإذن ورواية البخاري فيها رخَّص النَّبي صلى الله عليه وسلم والتعبير بالترخيص: يدل على الوجوب كما أوضحه ابن حجر في كلامه الذي ذكرناه آنفاً.
الأمر الثالث: هو ما قدمنا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أنه كان يمنع الحجاج من المبيت، خارج منى ويرسل رجالاً يدخلونهم في منى، وهو من الخلفاء الراشدين الذين أمرنا بالاقتداء بهم، والتمسك بسنتهم، والظاهر أن من ترك البيت بمنى لعذر لا شيء عليه، كما دل عليه الترخيص للعباس من أجل السقاية، والترخيص لرعاء الإبل في عدم المبيت ورمي يوم بعد يوم.) انتهى.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[17 - 01 - 04, 10:29 ص]ـ
أما حكم المسألة فكما نقل الأخ عبدالرحمن الفقيه وفقه الله.
وأما الشكوى بعدم وجود المكان فكما تقدم أيها الأخوة الأفاضل أنه لا يلزمك النوم في ليالي منى بمنى، بل عليك أن تدخلها قبل نصف الليل - العاشرة مثلاًً - مصطحباً معك سجادة وكتاباً - وليكن القرآن - ثم ابحث عن مكان تقضي فيه الوقت لقراءة القرآن حتى بزوغ الفجر، ثم اذهب لمكة فصلِّ الفجر بها وعوِّض ما فاتك من نوم الليلة الماضية بمسكنك إلى الظهر.
ـ[ابن عبد البر]ــــــــ[18 - 01 - 04, 06:19 ص]ـ
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة أبو عمر السمرقندي
أيها الأخوة الأفاضل ... من زعم أنه ليس في منى مكان، أو أن العسكر يمنعون أو ... أو ...
فليأتني العام المقبل حتى أريه (الأماكن الكثيرة) في منى ..
؟؟؟!!! وهاقد أتى العام .. أبا عمر .. فهل تستقبلنا!!!
بـ:) ,: (
لي عودة ..
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[21 - 01 - 04, 03:55 ص]ـ
الأخ الفاضل ابن عبدالبر ...
أنا على الوعد لكن بالشرط المتقدم، مكان يصلح أن يكون بياتاً في منى ليس خمسة نجوم، بل ولا نجمتين، المهم أنه مكان للبيات.
وحياكم الله وبياكم.
(:
¥