تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لقد تجاوز القائمون على هذه الأناشيد الحدود الشرعية بأفعالهم تلك، فهذه قناة فضائية تصدح بالنشيد 24 ساعة في اليوم! وهذه فرق تؤسس وتقام من أجل النشيد، وهؤلاء منشدون، وملحنون، و" كورس "!، وتلك آلات، ومؤثرات، وهذه مهرجانات يُنفق عليه مئات الآلاف من الدولارات، وجوائز تزيد على المليون دولاراً! وكل ذلك في أوقات الشدة والبلاء والقهر والاحتلال لبلاد المسلمين، وكل ذلك في وقت ارتفاع الأسعار في عموم العالم، وخاصة العالم الإسلامي، ثم يأتي هؤلاء فيتمايلون، ويهزون رؤوسهم، ويحركون أيديهم بالنشيد، وكل واحد منهم معهم فرقته التي ألبسهم لباساً موحَّداً، وتعرض هذه الأناشيد في مسرح يحضره الرجال والنساء، تطفأ فيه الأضواء، ثم تُشعل الأضواء الملونة، تحرَّك هنا، وهناك، فيخرج لهم المنشد بفرقته، فيُستقبل بالتصفيق والتصفير، ويودَّع بما استقبل به إذا انتهى من إنشاده!

ولم يكفهم إشغال الناس بتلك المسابقة عن العبادة والطاعة في شهر رمضان، حتى سلبوا أموالهم بالتصويت التجاري! وأظهروا صور المنشدين على هيئات أهل الغناء الماجن على شاشة التلفاز طيلة الوقت.

وهذا كله يجعلنا نأسف على الحال الذي وصل له القائمون على هذا البرنامج وغيره، وعلى الحال الذي وصل له ما يسمى بـ " النشيد الإسلامي "! ولسنا نحرِّم ما أحلَّ الله، ومن نظر إلى واقع النشيد الآن من جميع أطرافه وزواياه: لم يشك أنه مخالف للشرع، وأنه قد تجاوز القائمون عليه الحدَّ المباح منه.

ومن واجب النصح أن نقول:

فليتق الله المسلمون في أعمارهم، وجهودهم، وأموالهم، وليحرصوا على ما ينفعهم في آخرتهم، وليكن سماع الأناشيد الملتزمة بالشروط الشرعية في بعض أوقاته، لا أن تكون هي حياته وشغله الشاغل، وليكن له العلماء والدعاة والعاملون للإسلام هم قدوته في البذل والعطاء، لا المنشد الفلاني، وليضن بوقته في شهر رمضان أن يضيعه خلف تلك المهرجانات والمسابقات، وليحرص على الإكثار فيه من ختم القرآن، والاعتكاف، والقيام، والعمرة في بيت الله الحرام، فهذا ما ينفعه عند ربه، وهذا ما يسره أن يراه في صحيفته يوم لقاء ربِّه، وأما المتابعون والمنشغلون خلف تلك المسابقة فلن يكون لهم كبير حظ مما سبق، وكل امرئ حسيب نفسه، وليس المسلمون في عز وتمكين حتى تقام هذه المهرجانات، وحتى يصدح أولئك بالنشيد، وحال المسلمين لا يخفى على أحدٍ، حتى أشفق علينا كثير من الكفار! فالاحتلال جاثم على صدورنا، وسجونهم ملأى بالمسلمين، والأرامل في ازدياد، والأسعار في ارتفاع، فكيف يطيب مع هذا أن تقام تلك الاحتفالات وفي شهرٍ مبارك معظم؟!.

وأما ما ذكره السائل في سؤاله من أن كثيرا من الغربيين، ويذكره غيره من أن كثيرا من الفسقة وأهل الفجور، يتأثرون بمثل هذه الأناشيد والكليبات، فيتوب العاصي، ويرجع الفاجر والشارد، فهذا دليل على تقصير أهل الدين في نشر دينهم، وهداية الناس إلى النور الصافي الذي أنزله رب العالمين على عباده، حتى راح الفساق والفجار، كلما وجدوا شيئا فيه بصيص من ذلك النور، أسرعوا إليه، ولو لم يكن له حقيقة في واقع الأمر، أو كان مخلوطا بكثير من البدعة والضلالة.

وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: عن " جماعة " يجتمعون على قصد الكبائر: من القتل وقطع الطريق والسرقة وشرب الخمر وغير ذلك. ثم إن شيخا من المشايخ المعروفين بالخير واتباع السنة قصد منع المذكورين من ذلك فلم يمكنه إلا أن يقيم لهم سماعا يجتمعون فيه بهذه النية وهو بدف بلا صلاصل وغناء المغني بشعر مباح بغير شبابة فلما فعل هذا تاب منهم جماعة وأصبح من لا يصلي ويسرق ولا يزكي يتورع عن الشبهات ويؤدي المفروضات ويجتنب المحرمات. فهل يباح فعل هذا السماع لهذا الشيخ على هذا الوجه لما يترتب عليه من المصالح؟ مع أنه لا يمكنه دعوتهم إلا بهذا؟.

فأجاب رحمه الله على ذلك جوابا مطولا، لكنه اشتمل على كثير من القواعد الإيمانية والعلمية، نلخصه مقاصده هنا. قال رحمه الله:

" الحمد لله رب العالمين. أصل جواب هذه المسألة وما أشبهها: أن يُعلم:

• أن الله بعث محمدا - صلى الله عليه وسلم - بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير