تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان - وهم خير أولياء الله المتقين من هذه الأمة - تابوا إلى الله تعالى بالطرق الشرعية لا بهذه الطرق البدعية. وأمصار المسلمين وقراهم قديما وحديثا مملوءة ممن تاب إلى الله واتقاه، وفعل ما يحبه الله ويرضاه، بالطرق الشرعية لا بهذه الطرق البدعية ...

• فمن المعلوم أن سماع القرآن هو سماع النبيين والعارفين والمؤمنين. قال تعالى في النبيين: {أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا}. وقال تعالى في أهل المعرفة: {وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق}. وقال تعالى في حق أهل العلم: {إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا} {ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا} {ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا}. وقال في المؤمنين: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون} {الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون} {أولئك هم المؤمنون حقا} وقال تعالى: {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله}. وبهذا السماع هدى الله العباد وأصلح لهم أمر المعاش والمعاد وبه بعث الرسول صلى الله عليه وسلم وبه أمر المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان. وعليه كان يجتمع السلف، كما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ اجتمعوا أمروا رجلا منهم أن يقرأ وهم يستمعون وكان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول لأبي موسى: ذكرنا ربنا فيقرأ أبو موسى وهم يستمعون.

• وقول السائل وغيره: هل هو حلال؟ أو حرام؟ لفظ مجمل فيه تلبيس يشتبه الحكم فيه حتى لا يحسن كثير من المفتين تحرير الجواب فيه ; وذلك أن الكلام في السماع وغيره من الأفعال على ضربين: أحدهما أنه هل هو محرم، أو غير محرم؟ بل يفعل كما يفعل سائر الأفعال التي تلتذ بها النفوس، وإن كان فيها نوع من اللهو واللعب كسماع الأعراس وغيرها ... والنوع الثاني: أن يُفعل على وجه الديانة والعبادة وصلاح القلوب وتجريد حب العباد لربهم وتزكية نفوسهم وتطهير قلوبهم، وأن تحرك من القلوب الخشية والإنابة والحب ورقة القلوب وغير ذلك، مما هو من جنس العبادات والطاعات لا من جنس اللعب والملهيات. فيجب الفرق بين سماع المتقربين وسماع المتلعبين وبين السماع الذي يفعله الناس في الأعراس والأفراح ونحو ذلك من العادات وبين السماع الذي يفعل لصلاح القلوب والتقرب إلى رب السموات فإن هذا يسأل عنه: هل هو قربة وطاعة؟ وهل هو طريق إلى الله؟ وهل لهم بد من أن يفعلوه لما فيه من رقة قلوبهم وتحريك وجدهم لمحبوبهم وتزكية نفوسهم وإزالة القسوة عن قلوبهم ونحو ذلك من المقاصد التي تقصد بالسماع؟ كما أن النصارى يفعلون مثل هذا السماع في كنائسهم على وجه العبادة والطاعة لا على وجه اللهو واللعب.

• إذا عرف هذا فحقيقة السؤال: هل يباح للشيخ أن يجعل هذه الأمور التي هي: إما محرمة؟ أو مكروهة؟ أو مباحة؟ قربة وعبادة وطاعة، وطريقة إلى الله يدعو بها إلى الله، ويتوب العاصين، ويرشد به الغاوين ويهدي به الضالين.

• ومن المعلوم أن الدين له " أصلان " فلا دين إلا ما شرع الله ولا حرام إلا ما حرمه الله. والله تعالى عاب على المشركين أنهم حرموا ما لم يحرمه الله وشرعوا دينا لم يأذن به الله. ولو سئل العالم عمن يعدو بين جبلين: هل يباح له ذلك؟ قال: نعم فإذا قيل: إنه على وجه العبادة، كما يُسعى بين الصفا والمروة، قال: إن فعله على هذا الوجه حرام منكر، يستتاب فاعله فإن تاب وإلا قتل. ولو سئل: عن كشف الرأس ولبس الإزار والرداء: أفتى بأن هذا جائز فإذا قيل: إنه يفعله على وجه الإحرام. كما يحرم الحاج. قال: إن هذا حرام منكر. ولو سئل: عمن يقوم في الشمس. قال: هذا جائز. فإذا قيل: إنه يفعله على وجه العبادة. قال: هذا منكر كما روى البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنهما - " {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا قائما في الشمس. فقال:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير