تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عبد الرشيد الهلالي]ــــــــ[16 - 09 - 08, 09:51 م]ـ

هل يمكن أن يقال في جواب الاشكال:مجيء فاطمة عليها السلام الى ابي بكر رضي الله عنه وسؤالها ما ظنته حقها منه دليل على اقرارها بإمارته، فإنما يطلب الحق من أهله ولو لم تكن تراه كذلك لما سألته ذلك ..

وهناك ملحظ آخر وهو أن الوعيد لم يرد في من مات وليس في عنقه بيعة ــ وإلا لهلكنا والله ــ ولكنه ورد فيمن خالف أهل الحل والعقد وفارق جماعتهم، وهو الامر الذي لا يوجد في قضية السيدة الزهراء عليها السلام.

ما رأي الفضلاء؟

ـ[العدوي]ــــــــ[16 - 09 - 08, 10:17 م]ـ

أخي الكريم - وفقه الله تعالى -

اعلم رحمني الله وإياك أن المجتهد مأجورٌ في اجتهاده وإن أخطأ وذلك طبقًا لنص الرسول صلى الله عليه وسلم - فيما أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث عمرو بن العاص وأبي هريرة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ، ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ، ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ ".

فكل ما صدر من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم إنما هو خلاف في فهم النصوص وتكييفها، وهم أهل الاجتهاد، فهم مثابون حتى وإن أخطأوا، ولا يرد عليهم حينئذ أن نرميهم بتعمد مخالفتهم للنص فحاشهم أن يصدر منهم ذلك وهم أحرص الناس على اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما صدر من أي أحد منهم من مخالفة للنص إنما هو عن تأويل سائغ، واجتهاد صادرٌ من أهله، ولعل النصوص الواردة في وجوب البيعة، وعدم جواز الخروج عنها والذي تفضل الأخ الكريم بإيراد نصين منهما في أول الموضوع، فالاحتمال قائم بجواز عدم اطلاعها -رضي الله عنها- على هذه النصوص، وإن كانت اطلعت فلها تأويل سائغ، وهو خلافها مع أبي بكر -رضي الله عنه- في مسألة ميراث النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إن خلافها رضي الله عنها مع أبي بكر رضي الله عنه، لا يعني أنها خرجت عليه، أو رفضت إمامته، فما من دليل من كلامها يدل على ذلك، بل الظاهر أنها رضي الله عنها كانت مقرة لإمامته، وإلا لما ذهبت إليه وسألته أن يعطيها ميراثها من أبيها خير الخلق صلى الله عليه وسلم، فهذا إقرار ضمني لمن تأمله بإقرارها بإمامته رضي الله عنهما، ولم تفارق رضي الله عنها الجماعة -وهو الأمر المنهي عنه في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر،فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبرا فيموت إلا مات ميتة جاهلية}.

فهي رضي الله عنها لم تفارق الجماعة، لأن مفارقة الجماعة لها قرائن، ومن أهمها الخروج على الخليفة أو الدعوة إلى خلع يد الطاعة عنه، وهذا لم يحدث منها رضي الله عنها.

بل وأزيد الأمر وضوحًا فأقول: لقد حدث نفس الأمر من السيدة عائشة رضي الله عنها وجمع من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم عندما خرجوا على الخليفة الجليل علي بن أبي طالب، وحاربوه، وهم في ذلك أيضًا متأولون، وأجمع أهل السنة على أنهم متأولون ولا يفسق أحد منهم بخروجه على الإمام لتأوله في الخروج على الحاكم، وهذه كتلك.

وأحب أن أضيف فائدة وقفت عليها للإمام البيهقي في مسألة بيعة علي لأبي بكر رضي الله عنهما:

" وقد صح بما ذكرنا اجتماعهم على مبايعته مع علي بن أبي طالب فلا يجوز لقائل أن يقول: كان باطن علي أو غيره بخلاف ظاهره فكان علي أكبر محلا وأجل قدرا من أن يقدم على هذا الأمر العظيم بغير حق أو يظهر للناس خلاف ما في ضميره ولو جاز هذا في اجتماعهم على خلافة أبي بكر لم يصح اجماع قط، والاجماع أحد حجج الشريعة، ولا يجوز تعطيله بالتوهم، والذي روى أن عليا لم يبايع أبا بكر ستة أشهر ليس من قول عائشة إنما هو من قول الزهري فأدرجه بعض الرواة في الحديث في قصة فاطمة رضي الله عنهم، وحفظه معمر بن راشد فرواه مفصلا وجعله من قول الزهري منقطعا من الحديث. وقد روينا في الحديث الموصول، عن أبي سعيد الخدري ومن تابعه من أهل المغازي أن عليا بايعه في بيعة العامة التي جرت في السقيفة، ويحتمل أن عليا بايعه بيعة العامة، كما روينا في حديث أبي سعيد الخدري وغيره ثم شجر بين فاطمة وأبي بكر كلام بسبب الميراث إذ لم تسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم في باب الميراث ما سمعه أبو بكر وغيره فكانت معذورة فيما طلبته وكان أبو بكر معذورا فيما منع فتخلف علي عن حضور أبي بكر حتى توفيت ثم كان منه تجديد البيعة والقيام بواجباتها كما قال الزهري، ولا يجوز أن يكون قعود علي في بيته على وجه الكراهية لإمارته، ففي رواية الزهري: أنه بايعه بعد وعظم حقه ولو كان الأمر على غير ما قلنا لكانت بيعته آخر خطأ ومن زعم أن عليا بايعه ظاهرا وخالفه باطنا فقد أساء الثناء على علي، وقال فيه أقبح القول، وقد قال علي في إمارته وهو على المنبر: ألا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم، قالوا: بلى قال: أبو بكر ثم عمر، ونحن نزعم أن عليا كان لا يفعل إلا ما هو حق ولا يقول إلا ما هو صدق وقد فعل في مبايعة أبي بكر ومؤازرة عمر ما يليق بفضله وعلمه وسابقته وحسن عقيدته وجميل نيته في أداء النصح للراعي والرعية وقال في فضلهما ما نقلناه في كتاب الفضائل فلا معنى لقول من قال بخلاف ما قال وفعل. وقد دخل أبو بكر الصديق على فاطمة في مرض موتها وترضاها حتى رضيت عنه فلا طائل لسخط غيرها ممن يدعي موالاة أهل البيت ثم يطعن على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويهجن من يواليه ويرميه بالعجز والضعف واختلاف السر والعلانية في القول والفعل وبالله العصمة والتوفيق".

هذا ما أردت قوله على عجل، ولعل الله تعالى ييسر أن أقوم ببحث واسع في المسألة

وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير