ومن ذلك أيضا ما رواه البخاري من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان فرفعت، وعسى أن يكون خيرا لكم، فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة؟
فهاهو صلى الله عليه وسلم يأمر بالالتماس بعد إخباره برفعها، فكيف سيكون هذا إلا بالاجتهاد في العمل الصالح؟
وسبحان الله أن يُظهر الله لنا جهل هذا الإنسان بالشريعة حيث أن كل ما استدل به من أحاديث التحري والالتماس هي حجة عليه لا له كما سيتضح هذا في نهاية جوابي عندما أنقل رد الإمام ابن حجر عليه وعلى أمثاله ممن يريد تعين ليلة القدر بليلة من ليالي الأسبوع باسمها.
وأنا أسأل هذا الرجل هل ما تقوله من تحديد ليلة الثلاثاء علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم أم لم يعلمه؟
إن قلت علمه، فلماذا لم يبلغنا؟
وإن قلت جهله أقول لك أأنت أعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال الإمام ابن حجر في فتح الباري 4/ 268:
روى محمد بن نصر من طريق واهب المغافري أنه سأل زينب بنت أم سلمة: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم ليلة القدر؟ فقالت: لا، لو علمها لما أقام الناس غيرها.
ثم سؤال آخر:ما هو القول في هذا الحديث الذي رواه البخاري وغيره من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان فرفعت، وعسى أن يكون خيرا لكم، فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة؟
أليس هذا الحديث العظيم يبين لنا أن هناك حكمة في إخفائها؟
، وإذا كان العلماء يقولون إن من رأى تلك الليلة بأماراتها وعلاماتها، فإنه يستحب له أن يكتمها ولا يخبر بها الناس، فكيف بمن يدعي أنه يعلم أي ليلة هي ليلة القدر على مدار الأعوام!!؟
قال الإمام الإمام ابن حجر في فتح الباري 4/ 268:
واستنبط السبكي الكبير في الحلبيات من هذه القصة استحباب كتمان ليلة القدر لمن رأها.
ثم إن ما ادعاه هذا الرجل من تحديد ليلة القدر بليلة معينة من ليالي الاسبوع قد سبقه إليه غيره، وهو أبو الحسن الخولي المغربي، وإن كان هذا الرجل الذي سؤل عنه في السؤال قد حددها بليلة الثلاثاء، فإن أبا الحسن قد حددها بليلة الأحد، وحددها غيرهما بليلة الجمعة، وكلهم خطأ.
قال الإمام ابن حجر في فتح الباري 4/ 267:
وفي هذه الأحاديث ـ يعني أحاديث التحري في العشر ـ رد لقول أبي الحسن الحولي المغربي أنه اعتبر ليلة القدر فلم تفته طول عمره وأنها تكون دائما ليلة الأحد، فإن كان أول الشهر ليلة الأحد كانت ليلة تسع وعشرين وهلم جرا، ولزم من ذلك أن تكون في ليلتين من العشر الوسط لضورة أن أوتار العشر خمسة،و عارضه بعض من تأخر عنه، فقال: إنها تكون دائما ليلة الجمعة، وذكر نحو قول أبي الحسن، وكلاهما لا أصل له، بل هو مخالف لإجماع الصحابة في عهد عمر كما تقدم، وهذا كاف في الرد وبالله التوفيق.
وعليه أنصح هذا القائل بتحديد ليلة القدر بليلة باسمها من ليالي الاسبوع بالعودة إلى الله والتوبة من هذا الكلام الذي لا دليل عليه بل الأدلة تخالفه.
وأنصح كل من اطلع على كلامه ألا يغتر به، كما أنصح نفسي واخواني بالاجتهاد في العشر الأخيرة كلها، وصلى الله وسلم وبارك على عبده الصطفى ونبيه المجتبى، والحمد لله رب العالمين.
والله أجل وأعلم
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[20 - 09 - 08, 02:16 م]ـ
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن ولاه، وبعد: ـ
راج في بعض مواقع الانترنت وعبر البريد الإلكتروني لكثير من الطيبين نشْرة يزعم فيها كاتبها أنه توصل بعد بحث إلى تحديد ليلة القدر على وجه القطع واليقين.
ومهما يكن من حرص صاحب هذه الدعوى على الخير فإنه كم من مريد للخير لم يصيبه. ولا يعدوا أن يكون ممن اجتهد فأخطأ فله أجر، والله يعفو عنا وعنه.
وقد سألني بعض إخواني من جماعة المسجد عن حقيقة هذه النشرة، فجاءت هذه الوريقات أسهاما في نصح إخواني المسلمين ومحاولة لكشف هذه الدعواى التي تلقى وأمثالها رواجا دونما نظر أو تمحيص.
وهذا البحث اليسير هو جهد المقل وتطفل على مائدة العلماء فأقول مستعينا بالله تعالى:
¥