ويستطرد الشيخ الضبيعي الحديث عن صحة النكاح بنية الطلاق فيقول: من رحمة الله بعباده عدم المؤاخذة على الهواجس وحديث النفس والوساوس وفلتات اللسان وما يطرأ من خواطر وافكار لما ثبت فيما أخرجه الجماعة في كتبهم الستة عن ابي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به انفسها مالم تتكلم أو تعمل,
وتنقسم اعمال القلوب بما فيها النية الى ثلاث مراتب حسب القوة والضعف، حيث تبدأ من الشك فالظن ثم اليقين,
واضاف بقوله: كما أنه معلوم ان النية والإرادة والقصد إنما هي معان قائمة في النفس، ومن حقه العدول عنها، ولا يلزمه تنفيذها ولا يجوز له التصريح بها عند العقد وإلا فسد النكاح، ولا يخفى ان كل متزوج ينوي عند العقد الامساك بالزوجة مادامت صالحة له وطباعها موافقة وإلا يطلقها متى شاء وهذا من حقه شرعاً,
التحذير من العزوبية
ثم تطرق الضبيعي إلى ان الإسلام حث على الزواج، ورغب فيه وبين فضله، وحذر عن التبتل ونهي عن العزوبية لخطرها على الأمة - فما شاعت العزوبية في مجتمع إلا كان ذلك دليل خلل وانحراف، ذلك لأن الأعزب بدون عوائق طبيعية مظنة للاتهام بدينه وعرضه حيث لا رهبانية في الإسلام، والعزوبية فيها مخالفة لدواعي الفطرة، وخروج على الإجماع الإنساني ومجافاة لروح الشريعة, عن ابي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: شراركم عزابكمكما توعد النبي صلى الله عليه وسلم من استطاع الزواج ولم يتزوج بالخروج من دائرة الإسلام، وكفى بهذا التهديد زاجراً عن هذه الصفة الذميمة، فعن ابي نجيح رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كان موسراً ثم لم ينكح فليس مني رواه الطبراني في الاوسط والكبير، ولو لم يكن في الزواج من الفوائد الا التخلص من شؤم العزوبية لكان خير علاج لها وللعنوسة ,
نوايا المتزوجين وأغراضهم
ويواصل الضبيعي حديثه فيقول: إن اي انسان لا يمكن ان يقدم على اي عمل الا بدافع الرغبة لتحقيق مصلحة ما، وكذا مقاصد الناس في الزواج، وأهداف الزواج في الإسلام متنوعة وكثيرة بقدر تنوع نوايا المتزوجين لتحقيق مصالحهم، ولهذا يختلف المتزوجون في مقاصدهم من الزواج، فلكل منهم غاية يرمي الى تحقيقها من زواجه ونظراً لتباين اهدافهم واختلاف مقاصدهم وكثرة حاجاتهم فقد عد النبي صلى الله عليه وسلم اربعاً من تلك الغايات التي ينوي تحقيقها في حديث واحد فعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تنكح المرأة لأربع لمالها، ولجمالها، ولحسبها، ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك أخرجه الإمام احمد وأصحاب السنن,
وهذه الأهداف الاربعة التي اجملها النبي صلى الله عليه وسلم ليست هي كل الغايات التي يقصدها المتزوجون في العادة، بل إن هناك اهدافا ينوي تحقيقها اكثر المتزوجين وقد اشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى اكثرها في احاديث متفرقة كما صح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لجابر رضي الله عنه: هل تزوجت ياجابر؟ قال: نعم، فقال ابكراً أم ثيباً؟ قال: قلت بل ثيباً، قال: افلا بكراً تلاعبك وتلاعبها,,, الخ كما حث النبي صلى الله عليه وسلم على ان يكون طلب الاولاد من اهم النوايا عند الزواج، وتجد ذلك في مثل قوله صلى الله عليه وسلم: تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة,
وهناك أنواع من الزيجات ينوي المتزوجون بها تحقيق مصالح كثيرة واغراضا مختلفة بحسب اختلاف حاجاتهم، فهناك مثلا زواج سياسي يتزوجه القادة والساسة والحكام حيث يقترنون ببنات وجهاء الناس وزعمائهم لكسب وجاهات وتوطيد مناصب وقد فعل النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذه الزيجات لتقوية شوكة الإسلام وتأليف زعامات دخلت بسببها شعوبهم في الإسلام,
¥