فائدة: لو نوى بقلبه, فهو كما لو شرطه على الصحيح من المذهب. نص عليه وعليه الأصحاب.
وقال: قال الشيخ تقى الدين - يعنى شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله:
لم أر أحدا من الأصحاب قال: لابأس به!! [7\ 163 - 164].
وقال فى المبدع: وقال الشريف: وحكى عن أحمد أنه إن عقد بقلبه تحليلها للأول, أو الطلاق فى وقت بعينه, لم يصح النكاح!! [7\ 88].
وقال فى شرح الزركشى على مختصر الخرقى:
قال (الخرقى): ولو تزوجها على أن يطلقها فى وقت بعينه لم ينعقد النكاح.
قال الشارح: لأنه شبيه بالمتعة, والشبيه بالشىء يعطى حكمه,
بيان الشبه أنه ألزم نفسه فراقها فى وقت بعينه, والمتعة النكاح يزول فيها فى وقت بعينه!!
قال أحمد فى رواية أبى داوود:إذا تزوجها على أن يحملها إلى خراسان , ومن رأيه إذا حملها [إلى خراسان] خلى سبيلها, قال:
لا, هذا يشبه المتعة, حتى يتزوجها ما حييت,
وفى هذا النص إشعار بتعليل آخر, وهو أن وضع النكاح الدوام, وهذا الشرط ينافيه,
وأن النية كافية فى المنع,
وقال أيضا فى رواية عبدالله: إذا تزوجها ومن نيته أنه يطلقها, أكرهه, هذه متعة, (قال الفارسي: الكراهة هنا معناها شدة التحريم لأنه قال: هذه متعة والمتعة محرمة بالإجماع!!)
وعلى هذا جمهور الأصحاب, القاضى فى خلافه, والشريف, وأبوالخطاب فى خلافيهما, والشيرازى [229 - 230].بتحقيق الشيخ العلامة ابن جبرين حفظه الله.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:"ينكح نكاحا مطلقا لا يشترط فيه توقيتا بحيث يكون ان شاء أمسكها وإن شاء طلقها. وان نوى حتما عند انقضاء سفره كره فى مثل ذلك. وفى صحة النكاح نزاع"!! [الفتاوى:32\ 106 - 107].
وقال فى البحر الرائق (أحناف):
قوله: وبطل نكاح المتعة والموقت: والتحقيق ما فى فتح القدير أن معنى المتعة عقد على امرأة لا يراد به مقاصد عقد النكاح من القرار والولد وتربيته بل اما الى مدة معينة ينتهى العقد بانتهائها أو غير معينة بمعنى بقاء العقد ما دام معها الى أن ينصرف عنها فيدخل فيه بمادة المتعة والنكاح المؤقت أيضا فيكون من أفراد المتعة
وقد نقل فى الهداية اجماع الصحابة على حرمته ...
وما فى الهداية من نسبته الى مالك فغلط كما ذكره الشارحون فحينئذ كان زفر القائل باباحة المؤقت محجوجا بالإجماع."! [3\ 115].
وقال الشيخ محمد الصالح بن عثيمين رحمه الله:
لو نوى زوج "المتعة" بدون شرط يعني: نوى الزوج بقلبه أن يتزوج هذه المرأة لمدة شهر، ما دام في هذا البلد فقط، فهل نقول إن هذا حكمه حكم المتعة أم لا؟ في هذا خلاف،
فمنهم من قال " إنه في حكم نكاح المتعة" لأنه نوى وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" (2). وهذا الرجل قد دخل على نكاح مؤقت "المتعة"، فكما أنه إذا نوى التحليل وإن لم يشترطه: صار حكمه حكم المشترط، فكذلك إذا نوى المتعة وإن لم يشترطها، فحكمه كمن نكح نكاح متعة، وهذا القول - كما ترى - قول قوي.
وقال الآخرون: إنه ليس بنكاح متعة، لأنه لا ينطبق عليه تعريف " نكاح المتعة" فنكاح المتعة أن ينكحها نكاحا مؤقتا إلى أجل، ومقتضى هذا النكاح المؤجل: أنه إذا انتهى الأجل انفسخ النكاح ولا خيار للزوج فيه ولا للزوجة، وهو أيضا: ليس فيه رجعة، لأنه ليس طلاقا، بل هو انفساخ النكاح، وإبانة للمرأة، فهذا هو نكاح المتعة، لكن من نوى هل يلزم نفسه بذلك إذا انتهى الأجل؟ الجواب: لا، لأنه قد ينوي الإنسان أنه لا يريد أن يتزوجها إلا ما دام في هذا البلد، ثم إذا تزوجها ودخل عليها رغب فيها ولم يطلقها، فحينئذ لا ينفسخ النكاح بمقتضى العقد، ولا بمقتضى الشرط لأنه لم يشرِط ولم يُشترَط عليه. فيكون النكاح صحيحا وليس من "نكاح المتعة". وشيخ الإسلام رحمه الله اختلف كلامه في هذه المسألة، فمرة قال بجوازه، ومرة قال بمنعه. والذي يظهر لي أنه ليس من نكاح المتعة، لكنه محرم من جهة أخرى، وهي خيانة الزوجة ووليها. لأن الزوجة ووليها لو علما بذلك: ما رضوا وما زوجوه. ولو شرطه عليهم صار نكاح متعة.
فنقول: إنه محرم لا من أجل أن العقد اعتراه خلل يعود إليه، ولكن من أجل أنه من باب الخيانة والخداع.
فإذا قال قائل: إذا هم زوجوه، فهل يلزمونه أن تبقى الزوجة في ذمته؟ إذ من الممكن أن يزوجوه اليوم ويطلق غدا؟
قلنا: نعم. هذا صحيح. فالأمر بيده إن شاء طلق وإن شاء أبقى، لكن هناك فرق بين إنسان تزوج نكاح رغبة، ثم لما دخل على زوجته ما رغب فيها، وبين إنسان نوى من الأصل نكاح متعة بنيته، فهو ما قصد إلا أن يتمتع هذه الأيام ثم يطلقها، فبينهما فرق.
ولو قال قائل: إن قولكم إنه خيانة للمرأة ووليها غير سديد، وذلك لأن الرجل في اختياره أن يطلق متى شاء، فهم داخلون على مغامرة ومخاطرة، فهم لا يدرون متى يطلق؟
قلنا: هذا صحيح. لكن هم يعتقدون وهو أيضا يعتقد - إذا كان نكاح رغبة - أن هذا النكاح أبدي، وإذا طرأ طارئ لم يكن يخطر على البال: فهذا أمر وارد لكنه على خلاف الأصل. ولهذا فإن الرجل المعروف بكثرة الطلاق: لا ينساق الناس إلى تزويجه.
فإذا تزوج الرجل على هذه النية فعلى قول من يقول إنه من "نكاح المتعة"، - وهو المذهب- فالنكاح باطل.
وعلى القول الثاني - وهو الذي نختاره - أن النكاح صحيح، لكنه آثم بذلك من أجل الغش، وهو مثل ما لو باع الإنسان سلعة - بالشروط المعتبرة شرعا - لكنه غاش فيها: فالبيع صحيح، والغش محرم. أ. هـ. من " شريط رقم 9 - كتاب النكاح". شرح "زاد المستقنع".
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.
)
¥