تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يُمْكِنُهُ يُخْبِرُ خَبَرًا جَزْمًا أَنَّهُ يُرَى إذَا كَانَ عَلَى تِسْعَةٍ أَوْ عَشَرَةٍ مَثَلًا. وَلِهَذَا تَجِدُهُمْ مُخْتَلِفِينَ فِي قَوْسِ الرُّؤْيَةِ: كَمْ ارْتِفَاعُهُ. مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ تِسْعَةٌ وَنِصْفٌ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ وَيَحْتَاجُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ: إذَا كَانَتْ الشَّمْسُ فِي الْبُرُوجِ الشَّمَالِيَّةِ مُرْتَفِعَةً أَوْ فِي الْبُرُوجِ الْجَنُوبِيَّةِ مُنْخَفِضَةً " ا. هـ

... سياق كلام شيخ الإسلام سياق ذم وإبطال للحساب الفلكي لا تقرير له،

وإنما يحمل كلام أهل العلم على الواضح الصريح من مذهبههم الذي صرحوا به، فيرد المتشابه إلى المحكم، ومن تأمل كلام ابن تيمية من أوله علم ذلك، وكذلك في رسالته الهلالية، وفي مواضع أخر، منها في الرد على المنطقيين.

ولذا قال بعد الكلام السابق مباشرة: " فَتَبَيَّنَ بِهَذَا الْبَيَانِ أَنَّ خَبَرَهُمْ بِالرُّؤْيَةِ مِنْ جِنْسِ خَبَرِهِمْ بِالْأَحْكَامِ وَأَضْعَفَ وَذَلِكَ أَنَّهُ هَبْ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْحَرَكَاتِ الْعُلْوِيَّةَ سَبَبُ الْحَوَادِثِ الْأَرْضِيَّةِ ... "

... فهل ننسب لشيخ الإسلام القول بتأثير الأجرام، وأن الْحَرَكَاتِ الْعُلْوِيَّةَ سَبَبُ الْحَوَادِثِ الْأَرْضِيَّةِ، وقد أخطأ جماعة على كبار العلماء، ونسبوا إليهم مذاهب لم يرتضوها، وذب عنهم أتباعهم العالمون بمذاهبهم، المتحققون من القرآن والحديث، كما فعل البيهقي في كتاب: " بيان خطأ من أخطأ على الشافعي "، كما نسب لشيخ الإسلام مذاهب ذكرها بحثا ومناظرة،ولم يذكرها اعتقادا ولا تقريرا.

... ومن تأمل قوله الآتي علم حقيقة مذهبه في الحساب الفلكي في الصوم والإفطار، قال رحمه الله:

" وظن طائفة من الجهال أنهم يضبطون وقت طلوع الهلال بمعرفتهم وقت ظهوره بعد استسراره وبمعرفة بعده عن الشمس بعد مفارقتها وقت الغروب وضبطهم قوس الرؤية وهذا الخلط المفروض مستديرا قطعه من دائرة وقت الاستهلال فإن هذه دعوى باطلة علماء الشريعة على تحريم العمل بذلك في الهلال فاتفق علماء الحساب العقلاء على أن معرفة الهلال لا تنضبط بالحساب ضبطا صحيحا قط ولم يتكلم فيه إلا قوم من المتأخرين تقريبا وذلك ضلال عن دين الله وتغيير له " .... وقال: " فمن أخذ علم الهلال بالحساب فهو فاسد العقل والدين وإذا صح حساب الحاسب فأكثر ما يمكنه ضبط المسافة التي بين الشمس والقمر وقت الغروب مثلا وهو الذي يسمى بعد القمر عن الشمس أما كونه يرى أولا يرى فلا يعلم بذلك فإن الرؤية تختلف بعلو الأرض وانخفاضها وصفاء الجو وكذلك لم يتفقوا على قوس واحد للرؤية بل اضطربوا فيه كثيرا ولا أصل له وإنما مرجعه إلى العادة وليس له ضابط حسابي فمنهم من ينقصه عن عشر درجات ومنهم من يزيده عنها وفي الزيادة والنقص أقوال متقابلة " ا هـ من مختصر الفتاوي المصرية

وقال: " رَأَيْت النَّاسَ فِي شَهْرِ صَوْمِهِمْ وَفِي غَيْرِهِ أَيْضًا: مِنْهُمْ مَنْ يُصْغِي إلَى مَا يَقُولُهُ بَعْضُ جُهَّالِ أَهْلِ الْحِسَابِ: مِنْ أَنَّ الْهِلَالَ يُرَى أَوْ لَا يُرَى. وَيَبْنِي عَلَى ذَلِكَ إمَّا فِي بَاطِنِهِ وَإِمَّا فِي بَاطِنِهِ وَظَاهِرِهِ. حَتَّى بَلَغَنِي أَنَّ مِنْ الْقُضَاةِ مَنْ كَانَ يَرُدُّ شَهَادَةَ الْعَدَدِ مِنْ الْعُدُولِ لِقَوْلِ الْحَاسِبِ الْجَاهِلِ الْكَاذِبِ: إنَّهُ يُرَى أَوْ لَا يُرَى. فَيَكُونُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ. وَرُبَّمَا أَجَازَ شَهَادَةَ غَيْرِ الْمَرْضِيِّ لِقَوْلِهِ. فَيَكُونُ هَذَا الْحَاكِمُ مِنْ السَّمَّاعِينَ لِلْكَذِبِ. فَإِنَّ الْآيَةَ تَتَنَاوَلُ حُكَّامَ السُّوءِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ حَيْثُ يَقُولُ: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} وَحُكَّامُ السُّوءِ يَقْبَلُونَ الْكَذِبَ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ قَبُولُ قَوْلِهِ مِنْ مُخْبِرٍ أَوْ شَاهِدٍ. وَيَأْكُلُونَ السُّحْتَ مِنْ الرِّشَا وَغَيْرِهَا. وَمَا أَكْثَرُ مَا يَقْتَرِنُ هذان. وَفِيهِمْ مَنْ لَا يَقْبَلُ قَوْلَ الْمُنَجِّمِ لَا فِي الْبَاطِنِ وَلَا فِي الظَّاهِر؛ لَكِنْ فِي قَلْبِهِ حَسِيكَةٌ مِنْ ذَلِكَ وَشُبْهَةٌ قَوِيَّةٌ لِثِقَتِهِ بِهِ: مِنْ جِهَةِ أَنَّ الشَّرِيعَةَ لَمْ تَلْتَفِتْ إلَى ذَلِكَ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ قَدْ عَرَفَ شَيْئًا مِنْ حِسَابِ النَّيِّرَيْنِ وَاجْتِمَاعِ الْقُرْصَيْنِ وَمُفَارَقَةِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ بِعِدَّةِ دَرَجَاتٍ وَسَبَبِ الْإِهْلَالِ وَالْإِبْدَارِ وَالِاسْتِتَارِ وَالْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ."

وقال: " فَإِنَّا نَعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الْعَمَلَ فِي رُؤْيَةِ هِلَالِ الصَّوْمِ أَوْ الْحَجِّ أَوْ الْعِدَّةِ أَوْ الْإِيلَاءِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُعَلَّقَةِ بِالْهِلَالِ بِخَبَرِ الْحَاسِبِ أَنَّهُ يُرَى أَوْ لَا يُرَى لَا يَجُوزُ. وَالنُّصُوصُ الْمُسْتَفِيضَةُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ كَثِيرَةٌ. وَقَدّ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ ".

... والرد عند التنازع إنما يكون لكتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لا إلى المتشابه من أقوال أهل العلم.

قال الله تعالى: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) (النساء: 59)

... وينظر:

" كتاب بطلان العمل بالحساب الفلكي في الصوم والإفطار، وبيان ما فيه من مفاسد،

ووجوب العمل بالرؤية الشرعية الثابتة عن خير البرية صلى الله عليه وسلم، من ثلاثين وجهًا ".

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=147315

... وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير