تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2225 - مَسْأَلَةٌ: شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَى عَلَى امْرَأَةٍ , وَشَهِدَ أَرْبَعَةُ نِسْوَةٍ أَنَّهَا عَذْرَاءُ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا حَدَّ عَلَيْهَا , كَمَا رُوِّينَا عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي أَرْبَعَةِ رِجَالٍ عُدُولٍ شَهِدُوا عَلَى امْرَأَةٍ بِالزِّنَى وَشَهِدَ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ بِأَنَّهَا بِكْرٌ , فَقَالَ: أُقِيمُ عَلَيْهَا الْحَدَّ , وَعَلَيْهَا خَاتَمٌ مِنْ رَبِّهَا؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: هَذَا عَلَى الْإِنْكَارِ مِنْهُ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهَا. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تُحَدُّ - كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا ابْنُ مُفَرِّجٍ نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ نا سَحْنُونٌ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ نَبْهَانَ فِي أَرْبَعَةٍ شَهِدُوا بِالزِّنَى عَلَى امْرَأَةٍ , وَنَظَرَ النِّسَاءُ إلَيْهَا فَقُلْنَ: إنَّهَا عَذْرَاءُ , قَالَ: آخُذُ بِشَهَادَةِ الرِّجَالِ , وَأَتْرُكُ شَهَادَةَ النِّسَاءِ , وَأُقِيمُ عَلَيْهِمَا الْحَدَّ.

وَبِإِسْقَاطِ الْحَدِّ عَنْهَا يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ , وَأَصْحَابُهُ , إلَّا زُفَرُ , وَبِهِ - يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , وَالشَّافِعِيُّ.

وَقَالَ مَالِكٌ: وَزُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ , وَأَصْحَابُنَا: تُحَدُّ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا ,

وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ , فَوَجَدْنَا مَنْ رَأَى إيجَابَ الْحَدِّ عَلَيْهَا يَقُولُ: قَدْ صَحَّتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهَا بِمَا يُوجِبُ الْحَدَّ بِنَصِّ الْقُرْآنِ , فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعَارِضَ أَمْرَ رَبِّهِ تَعَالَى بِشَيْءٍ - وَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً غَيْرَ هَذَا؟

فَعَارَضَهُمْ الْآخَرُونَ - بِأَنْ قَالُوا: بِأَنْ لَا خِلَافَ أَنَّهُ إذَا صَحَّ أَنَّ الشُّهُودَ - كَاذِبُونَ أَوْ وَاهِمُونَ - فَإِنَّ الشَّهَادَةَ لَيْسَتْ حَقًّا: بَلْ هِيَ بَاطِلٌ , وَلَا يَحِلُّ الْحُكْمُ بِالْبَاطِلِ , وَإِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِإِنْفَاذِ الشَّهَادَةِ إذَا كَانَتْ حَقًّا عِنْدَنَا فِي ظَاهِرِهَا , لَا إذَا صَحَّ عِنْدَنَا بُطْلَانُهَا , وَهَذِهِ قَدْ صَحَّ عِنْدَنَا بُطْلَانُهَا فَلَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِهَا؟

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {: كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ} فَوَاجِبٌ إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ عِنْدَنَا - فِي ظَاهِرِهَا - حَقًّا , وَلَمْ يَأْتِ شَيْءٌ يُبْطِلُهَا أَنْ يُحْكَمَ بِهَا , وَإِذَا صَحَّ عِنْدَنَا أَنَّهَا لَيْسَتْ حَقًّا فَفَرْضٌ عَلَيْنَا أَنْ لَا نَحْكُمَ بِهَا , إذْ لَا يَحِلُّ الْحُكْمُ بِالْبَاطِلِ , هَذَا هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ.

ثُمَّ نَظَرْنَا فِي الشُّهُودِ لَهَا أَنَّهَا عَذْرَاءُ فَوَجَبَ أَنْ يُقَرِّرَ النِّسَاءُ عَلَى صِفَةِ عُذْرَتِهَا , فَإِنْ قُلْنَ: إنَّهَا عُذْرَةٌ , يُبْطِلُهَا إيلَاجُ الْحَشَفَةِ وَلَا بُدَّ , وَأَنَّهُ صِفَاقٌ عِنْدَ بَابِ الْفَرْجِ , فَقَدْ أَيْقَنَّا بِكَذِبِ الشُّهُودِ , وَأَنَّهُمْ وَهَمُوا فَلَا يَحِلُّ إنْفَاذُ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمْ. وَإِنْ قُلْنَ: إنَّهَا عُذْرَةٌ وَاغِلَةٌ فِي دَاخِلِ الْفَرْجِ , لَا يُبْطِلُهَا إيلَاجُ الْحَشَفَةِ , فَقَدْ أَمْكَنَ صِدْقُ الشُّهُودِ , إذْ بِإِيلَاجِ الْحَشَفَةِ يَجِبُ الْحَدُّ , فَيُقَامُ الْحَدُّ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ , لِأَنَّهُ لَمْ نَتَيَقَّنْ كَذِبَ الشُّهُودِ وَلَا وَهْمَهُمْ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ).

رحمك الله يا ابن حزم ... ورفع درجتك في عليين.

ـ[الدسوقي]ــــــــ[06 - 10 - 08, 10:50 ص]ـ

قال الله تعالى:

(لِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (الحج: 54)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير