تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما جواز الأخذ بالحسابات الفلكية فيقول العودة إنه الرأي الثاني أو القول الثاني من أقوال العلماء ويرون بجوازه وذلك لعدة أسباب هي " القول منسوب إلى مطرّف بن عبد الله من كبار أئمة التابعين، وهو أيضًا قول ابن قتيبة، وهو قول أبي العباس بن سريج- وهو من كبار أئمة الشافعية حتى إنهم يقدمونه على المزني في سعة معرفته بالمذهب- وله في ذلك تصنيف وكلام نسب فيه هذا القول إلى الإمام الشافعي ونقل في ذلك نصًا وإن كان المخالفون له وهّموه في ذلك بنصوص أخرى للشافعي. وقال الرأي مجموعة من العلماء مثل الشيخ يوسف القرضاوي، والشيخ مصطفى الزرقا، والشيخ أحمد محمد شاكر الإمام المحدّث، وله كتاب اسمه "أوائل الشهور القمرية" نصر فيه هذا القول نصرًا عزيزًا قويًا، وكذلك بعض طلبة العلم اختاروا هذا القول وصنّفوا فيه. وحجتهم في ذلك: أولاً قوله صلى الله عليه وسلم: (فَاقْدِرُوا لَهُ) قالوا: يؤخذ منه أن المقصود التقدير وليس إكمال الثلاثين ولا التضييق على الشهر، وإنما فسروه على أن المقصود هو حساب القمر ومنازل القمر".

ثانيًا: قالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم علل في حديث ابن عمر رضي الله عنهما بقوله: "إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ" فعلل الموضوع بعدم المعرفة وعدم الحساب "لاَ نَكْتُبُ وَلاَ نَحْسُبُ" فإذا وجد الحساب وعُرف وعُلم فقد زالت العلة التي رُبط بها الحكم، وبناءً عليه إذا وُجدت المعرفة الصحيحة الحقيقية جاز الأخذ بها، وليس الحديث داعيًا إلى عدم المعرفة بالحساب، بدليل أن قوله:"لاَ نَكْتُبُ" ليس دعوة إلى عدم الكتابة، وإنما الأمر بالكتابة كتابة السنة وكتابة القرآن مطلوب شرعًا بالاتفاق، فقوله: (لاَ نَكْتُبُ وَلاَ نَحْسُبُ) ليس حتمًا لازمًا وإنما ما داموا لا يكتبون ولا يحسبون فالأمر بالنسبة لهم هكذا، أما إذا أصبحت هناك معرفة بالحساب فيجوز عندهم الأخذ بها.

ثالثًا: قالوا: إن هذه الأمور كلها هي وسائل وليست غايات، الغاية هي معرفة دخول الشهر والاطمئنان إلى أن الناس لم يصوموا يومًا من شعبان، ولم يُفوتوا يومًا من رمضان هذه هي الغاية، أما الوسيلة فقد تكون الرؤية وقد تكون إكمال شعبان ثلاثين يومًا وقد تكون بالوسائل العلمية الدقيقة إذا تأكد الناس منها.

رابعًا: قالوا: إن الحساب يُعتمد في عبادة أعظم من الصوم وهي الصلاة، مع أن الصلاة رُبطت بأوقات في الشمس مثلاً بعد الزوال، قبل الزوال، اصفرار الشمس، إلى غير ذلك أن يكون ظل الشيء مثله أو مثليه، وهذه الأشياء أصبح الناس يعتمدون فيها على حسابات معينة معروفة كما ذكر.

خامسًا: قالوا: إن رفض الأئمة المتقدمين للحساب لأن ذلك العلم كان علمًا يعتمد على التخمين وعلى الحدس وليس على الضبط والدقة كما هو في علم الفلك المعاصر، بل قال بعضهم: إن كثيرًا من المتقدمين كانوا يخلطون بين علم الفلك الحقيقي وبين التنجيم الذي هو نوع من الشعوذة والكلام عن تأثير الكواكب والأفلاك في الكون، وبعضهم ساق حديث: "من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد.

وعما يجب الأخذ به الرؤية أو الحساب الفلكي فصل العودة بقوله " المقصود هو محاولة الوصول إلى ما يحبه الله ويرضاه وما هو أليق بالنص الشرعي وأحفظ له وأنفع للمسلمين في دينهم ودنياهم، فعندي مجموعة من الملاحظات لأنني قرأت بحوث العلماء المتقدمين، بحث ابن تيمية -رحمه الله- في الفتاوى مطولاً، بحث الشيخ بكر أبو زيد أيضًا في هذا الباب، بحث عدد من العلماء هنا في المملكة، بحث العلماء الذين يُجيزون مثل الشيخ مصطفى الزرقا، الدكتور عبد الوهاب الجسيمان، الشيخ يوسف القرضاوي، أحمد شاكر، بحوث الفلكيين أيضًا، والفلكيون أنفسهم منقسمون منهم من يؤيد هذا ومنهم من يؤيد هذا وأما التفصيل في هذا الشأن فأقول:

أولا: هذه مسألة اجتهادية ما دام الأمر فيها لا يتعلق بموضوع التنجيم أو التخمين وإنما يتعلق بالكلام عن علم له أصوله وضوابطه، فهي مسألة اجتهادية لا ينبغي أن يتحول الأمر فيها إلى معاندة أو تباعد أو تباغض أو سوء ظن، أو أن نحولها إلى أداة للتصنيف والاصطفاف والتفرقة.

ثانيًا: جمهور السلف على اعتماد الرؤية، وهذا الذي تجده في غالب الكتب والمصنفات في الحديث والتفسير والفقه وغيرها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير