تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[عيد الفطر عند الأندلسيين]

ـ[هشام زليم]ــــــــ[30 - 09 - 08, 02:14 م]ـ

[عيد الفطر عند الأندلسيين]

بسم الله الرحمان الرحيم و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على محمد و على آله و صحبه أجمعين.

تُعتبر فترة ما بعد سقوط غرناطة (1492م-1609) فترة محن و اضطهاد للأندلسيين المسلمين الذين بقوا بالجزيرة الأندلسية. فخلال مدة تقارب 120 سنة حاول النصارى بإسبانيا تنصيرهم , بل قاموا بتعميدهم قسرا ابتداءا من سنة 1501م على يد الكاردينال المتعصب سيسنيروس. ففُرضت سلسلة قوانين جائرة تُحرّم على المسلمين لباس الزي الإسلامي و التسمي بأسماء إسلامية, و اعتقاد عقيدة التوحيد. و تشدّد النصارى حتى منعوا الأندلسيين من الطهارة. و من الأشياء التي مُنع منها المسلمون أيضا الاحتفال بالأعياد الإسلامية و المناسبات الاجتماعية كالعقيقة و الزواج إلا أن تكون على الطريقة المسيحية.

فالتاريخ لم يُخبرنا عن أمّة اضطُهدت و مُنعت من الاحتفال بأعيادها؛ نعم هناك طوائف عبر التاريخ اضطُهدت لكن لم يصل بها الأمر أن تُجبر على ترك المنازل مفتوحة أيام الجُمع و الأعياد حتى يتسنّى للنصارى التأكّد من أنهم لا يحتفلون و لا يُقيمون أية مراسم, بل من ظهرت عليه علامات الفرح أو لبس لباسا جديدا في يوم يناسب عيدا إسلاميا يُصبح عُرضة لتحقيقات محاكم التفتيش.

أمّا من يثبت أنه ابتهج أو احتفل بعيد إسلامي فيحاكم بتهمة اتباع دين محمد –عليه الصلاة و السلام –و مصيره الموت شنقا أو حرقا و السعيد من ينجو بعنقه و قد حُكم عليه بمصادرة جميع ممتلكاته أو التجديف سنوات عديدة في سفن الملك أو القيام بالأعمال الشاقة بالمناجم.

لكن هيهات هيهات, فمازادت هذه الإجراءات المتطرّفة الأندلسيين إلا تشبّتا بالإسلام و لو خفية, و رغم أنف النصارى احتفلوا بالأعياد الإسلامية بل و صاموا حتى الست من شوال و يوم عرفة و عاشوراء.

يقول الباحث الفرنسي لويس كاردياك واصفا أعياد الأندلسيين المنصّرين: "و أوّل هذه الأعياد: العيد الصغير و يدوم ثلاثة أيام و هو عيد الرحمة, ذلك أنه في مثل هذا اليوم تعطى الزكاة للفقراء. و يقع هذا العيد بعد انتهاء شهر رمضان و يطلق عليه أيضا عيد الفطر". (1)

نفس الشيئ أكّده الباحثان أنطونيو دومنقيز هورتيز و برنارد بيثنت حيث نقلا:"و عند نهاية رمضان يقع العيد الأول من الأعياد الأربعة الكبرى و هو العيد الأصغر و يسمى كذلك عيد الفطر الذي هو عيد نهاية الصيام, و تتركز أهميته في أعمال البر التي تتجلى بالتصدق على الفقراء" (2)

و كانت عادتهم يوم العيد ما ترويه الباحثة الإسبانية غارسيا مرثيدس أرينال ناقلة عن محاضر اتهام محاكم التفتيش للأندلسيين:" بعد أن ينتهي شهر رمضان – و مدته ثلاثون يوما – يحتفل المسلمون بعيد الفطر. و في أول أيام العيد يُقبّل الابن المسلم يد أبيه و يطلب منه أن يُسامحه, و الآباء يباركون الأبناء فيضعون أيديهم على رؤوسهم و يقولون "جعلك الله مؤمنا (أو مؤمنة) صالحا (أو صالحة) و يطلب كل مسلم من أخيه المغفرة قائلا:"غفر الله لي و لك" (3)

و لازالت طائفة من أهل الأندلس اليوم بإسبانيا يحافظون على إسلامهم خفية و يقومون بشعائرهم الإسلامية و يحتفلون بالأعياد كعيد الفطر. يروي الشيخ إبراهيم بن أحمد الكتاني رحمه الله في معرض حديثه عن إخفاء الأندلسيين اليوم إسلامهم: " قرأت في جريدة "النور" التي تصدر بتطوان مقالا بقلم مديرها صديقنا الدكتور إسماعيل الخطيب يتحدث فيه عن حضوره أول صلاة للعيد أقامها المسلمون بمدينة غرناطة بعد إعلان الحرية الدينية بإسبانيا – في السبعينيات من القرن الميلادي الماضي -, و ذكر أن من بين الذين حضروا الصلاة شخص كان يحمل حقيبة أخرج منها ثوبا إسلاميا لبسه بعد أن نزع ثوبه النصراني, و أنه من المسلمين الذين كانوا يخفون إسلامهم. وقد اهتز كياني و اقشعر جلدي و أنا أقرأ هذا الخبر, و أسفت أسفا شديدا أن الدكتور لم يتصل بهذا الرجلو يسأله عن شعوره في هذه الكناسبة, و عن تجاربه الإسلامية في المرحلة السابقة." (4)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير