و قد كانوا حريصين كل الحرص رغم المنع على صيام السنن كالأيام الست من شوال. قال رسول الله صلى الله عليه و سلّم:" من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدًّهر. رواه مسلم وأحمدوأهل السننما عدا النَّسائي. و هذا ما أكدته وثيقة من محاكم التفتيش بكوينكا, جاء فيها: " اعتاد المورسكيون بعد صيام شهر رمضان كعبادة خاصة صيام ستة أيام كانوا يطلقون عليها اسم "البيض". (5)
و قد وعظ أحد الأندلسيين المجهولين –بلغة الألخميادو (6) -في وثيقة محفوظة بالأرشيف الإسباني إخوانه المخفين للإسلام شارحا لهم أمور دينهم:" إن من يصوم رمضان ثم يتبعه بستة أيام من شوال بعد مضي اليوم الأول – و هو يوم العيد – كان كمن صام الدهر كله" (7)
و هنا لابد من وقفة قصيرة مع ما يدّعيه النصارى اليوم من أن دينهم دين تسامح و محبة إلى آخر أسطوانة التخليص المسيحي الخرافي.
إن التعصّب و الإرهاب و الاضطهاد هو الوجه الحقيقي لدين النصارى, هذا الوجه العبوس المرعب الحاقد كل الحقد على أهل التوحيد لا يتوانى عن استعمال أحقر الوسائل و أشنعها لفرض دينه المبني على خرافة التثليث و الخبز و الخمر المقدسين. دين أذاق أهل الأندلس مرارة الكفر قسرا و كرها.
و الأدهى و الأمر أن النصارى اليوم نسوا الأفعال الشنيعة التي ارتكبوها بحق المسلمين بل و اليهود أيضا, و راحوا يرمون الإسلام بدائهم و هو من تهمهم برئ. فالتاريخ أمامنا يشهد على أن المسلمين ما أجبروا كافرا قط على اعتناق الإسلام و هذا انطلاقا من الآية الكريمة " لا إكراه في الدين قد تبيّن الرشد من الغي". البقرة 256. نعم دعوا الناس إلى الإسلام بالحكمة و الموعظة الحسنة لكنهم لم يجبروا غير المسلمين على النطق بالشهادتين أو الصلاة أو الصيام أو قتلوهم لأنهم لم يشهدوا برسالة محمد صلى الله عليه و سلم مثلا.
إذا علمنا هذا تعجبنا من مدح بعض الشباب- المغرر بهم -الذين تنصروا حديثا لدين النصارى ووصفه بالتسامح و السلام و ذمهم للإسلام و أهله و نعتهم بالتعصب و الكراهية. إلى هؤلاء أنقل رسالة الأندلسي فرانسيسكو دي إسبينوسا الذي اعتقلته محاكم التفتيش النصرانية بإسبانيا , فقال لهم أثناء التحقيق: إذا كان الرب عظيما و قويا فكيف سمح لحثالة البشر بأن يصلبوه و لولا محكمة التفتيش لترك الناس الكاثوليكية" (8)
فالحمد لله على نعمة الإسلام. و الصلاة و السلام على خير الأنام محمد و على آله و صحبه أجمعين.
كتبه: أبو تاشفين هشام بن محمد المغربي.
الهوامش
(1) "المورسكيون الأندلسيون و المسيحيون: المجابهة الجدلية. الدكتور لوي كاردياك الأستاذ بجامعة مونبوليي الفرنسية. ترجمة الدكتور عبد الجليل التميمي. الصفحة 34.
(2) "تاريخ مسلمي الأندلس: المورسكيون. حياة ... و مأساة أقلية." أنطونيو دومنقيز هورتيز و برنارد بنثنت. ترجمة عبد العال صالح طه. الصفحة 113
(3) "المورسكيونالأندلسيون" للإسبانية مرثيدس غارسيا أرينال و ترجمة الدكتور جمال عبد الرحمان. ص.100
(4) "انبعاث الإسلام في الأندلس". بقلم الأستاذ علي المنتصر الكتاني. ص11.
(5) "محاكم التفتيش و المورسكيون". للباحثة الإسبانية غارثيا مرثيدس أرينال. ترجمة: خالد عباس. الصفحة 67.
(6) لغة الألخميادو هي اللغة القشتالية و الرومنسية مكتوبة بحروف عربية ابتكرها الأندلسيون بعد منعهم من تعلّم العربية.
ـ[محمد بن جرير]ــــــــ[30 - 09 - 08, 05:07 م]ـ
أحسن الله إليك، ولا ننسى قول الله تعالى ((والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون))
ـ[ابو ز كريا الجزا ئري]ــــــــ[30 - 09 - 08, 07:50 م]ـ
شكرا
بارك الله فيك
ـ[أبو خباب المكى]ــــــــ[30 - 09 - 08, 10:42 م]ـ
بارك الله فيك اخى ابو تاشفين ..
ـ[هشام زليم]ــــــــ[19 - 09 - 09, 05:22 م]ـ
تقبل الله منا و منكم صالح الأعمال.
ـ[أبو حاتم المهاجر]ــــــــ[19 - 09 - 09, 08:01 م]ـ
جزاكم الله خيرا ..
ـ[د بندر الدعجاني]ــــــــ[19 - 09 - 09, 10:12 م]ـ
الله ينصر أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -