تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يا من كنتم تطيعون الله في رمضان، لا ترجعوا بعدَه إلى المعاصي، فإن ربّ الشهور واحد، وهو دائما على أعمالكم شاهد، فلا تهدِموا ما بنيتم في رمضان من صالح الأعمال. سئل الحسن البصري، رحمه الله عن أقوام يُقْبِلون في رمضان على الطاعة، فإذا انسلخ تغيرت أحوالهم فقال: بئسَ القومُ لا يعرفون الله إلا في رمضان. قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول، ولا تبطلوا أعمالكم) {محمد 33}

أيها المستمعون الكرام / إن المؤمن الصادق هو من يكون عملُه بالطاعات واجتنابُه للمعاصي والسيئات عادةً له ومنهاجا إلى أن يتوفاه الله (قال تعالى (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99) ( http://iid-alraid.de/EnOfQuran/AudioLink/Aya/01901.htm)) { النحل} ومعنى اليقين: الموت، أي اعبد ربك إلى أن تموت.، فلا تزيده مواسمُ الخير إلا اجتهادا في العبادة، وحرصًا على الطاعة، فإذا انقضت تلك المواسمُ بقيتْ آثارها في حياته صورًا حيّة، وأعمالا صالحة مُشَاهَدَةً ومحسوسة. والمؤمن الحيّ هو الذي تتغير حياتُه بعد رمضان إلى الأحسن وهذا علامةٌ على قَبوله قال تعالى: (إنما يتقبل الله من المتقين) {المائدة}، أما من كان حالُه بعد رمضان كحاله قَبْلَه، يَهْجُر الطاعات، ويقتحم السيئات، ويُضيّع الصلواتِ، ويتبع الشهواتِ، فهذا لا يزداد من الله إلا بُعداً، والعِيَاذُ بالله.

إنه أمرٌ غريب حقّا، هذا الفهم المغلوط لشعائر الإسلام من بعض أبناء الإسلام، فلا يعملون بالطاعات إلا في مواسمَ معيّنة فإذا انتهت رجعوا القهقرى، فأين آثار الصيام التي تركها في نفوس الصائمين؟ أين التقوى، والتضحيةُ والصبرُ والمودّةُ والعطفُ والتعاونُ، أين النظامُ والمحافظةُ على الوقت؟.

أيها المستمعون الكرام، هذا نداء مِلْؤُه العطف والحنان، إلى الذين عزموا على العودة إلى المعاصي بعد رمضان أن يتقوا الله تعالى، فالعمرُ قصير، والآجال محدودة، وليعلموا أنّ العيش في الطاعة هو العيش الرغيد، وهو البرنامج السعيد، وأن الله تعالى لا يُوجِبُ علينا أمرًا إلا لما فيه من السعادة والاطمئنان، ولا يحرّم علينا شيئا إلا لما فيه من المفاسد والخُسران.

فاتقوا الله، وحافظوا على مكتسبات الخير التي اكتسبتموها في رمضان، وزيدوا في أعمال الخير، وعيشوا في بيئة صالحة، ومع رُفقة صالحة، واطلبوا العلم الشرعي، وحسّنوا مستواكم العلمي في الدين، ولا تكتفوا بالمعلومات القليلة التي تعلمتُمُوها في الماضي، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" فضل العلم أحَبُّ إِلَيَّ من فضل العبادة" (ك) (صحيح). ومعنى الفضل: الزيادة.

أيها الطائعون الثابتون على الطاعة بعد رمضان، عالجوا الظاهرة السابقة بالتناصح والقيامِ بواجب الدعوةِ إلى الله، بالحكمة والأسلوبِ الأمثل، كلٌ على قدر استطاعته، فزوروا الذين تركوا الطاعةَ بعد رمضان، وانصحوهم بالكلمة الطيبة، والإرشادات النافعة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" فوالله لأن يهدي الله بك رجُلاً واحدًا خيرٌ لك من حُمْر النَّعَم" متفق عليه وقال صلى الله عليه وسلم:" من دلّ على خير فلهُ مثلُ أجر فاعله" رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم:" لا تكونوا عونَ الشيطان على أخيكم" رواه البخاري.

وفقنا الله لطاعتهِ واجتنابِ معصيته حتى نلقاه وهو راض عنا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كتبه أبوسعيد بلعيد بن أحمد

المصدر ( http://www.abusaid.net/index.php/component/*******/article/37-makalat-abusaid/81-elaid.html)

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير