هذا الحديث العظيم حجة على الكاتب الذي خص عامة المسلمين بالنصح ونسي الجزء الأول من الحديث الذي قدم نصح الأئمة. فقد نسي الكاتب أن ينصح حكام المسلمين بالعدل مع الرعية، وحفظ حقوقهم، والأخذ على أيدي المتجاوزين. وأنا على يقين أن بلاد المسلمين فيها من الخيرات والبركات مايزيد أضعافا مضاعفة على بلاد الكفار، وفيها من العقول، وفيها من الكفاءات الشيء العظيم، ولكن أهلكها الظلم.
فشِراءُ هذه القَواربَ وبَيعُها وأخذُ المالِ على إِعَانَةِ هؤلاءِ المغامرينَ مِن المكاسبِ التي حَرمَ اللهُ تعالى
حكم متعجل، بني على مقدمة غير صحيحة. والتحريم لايثبت بمثل هذه المقدمات التي تحتاج إلى نظر عميق ودراسة مستفيضة. واطلاق الأحكام بهذا الإجمال يدل على عدم تصور المسألة بشكل دقيق.
وقالَ رحمه اللهُ تعالى: ?وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ? أي: لا يقتلُ بعضُكم بعضًا، ولا يقتل الإنسانُ نفسَه. ويَدخلُ في ذلك الإلقاءُ بالنفسِ إلى التهلكةِ، وفعلُ الأخطارِ المُفضيةِ إلى التَلفِ والهلاك .. ?وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ? أي: أكلُ الأموالِ بالباطلِ وقَتلُ النُفوس ?عُدْوَانًا وَظُلْمًا? أي: لا جهلاً ونسياناً ?فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا? أي: عظيمةً كما يُفِيدُهُ التَنكِيرُ ?وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا?. [4] [/ size
هل هؤلاء هم أحق من تصدق عليهم هذه الآية من قتل النفس بالباطل وأخذ المال الحرام. أنا لا أريد هنا أن أدافع عن أهل القوارب أو المهاجرين، لكن الاستدلال بكتاب الله بهذه الطريقة، وجعل هؤلاء يستحقون النار، وغيرهم ممن يظلم، ويأخذ أضعاف أضعاف ما يأخذ هؤلاء من أموال المسلمين بالباطل، ويستثمر المليارات من أموال المسلمين عند الكفار التي لو استثمرت في بلاد المسلمين لما هاجر أحد. أقول لو نصح الظلمة الكبار لقلت أو تلاشت مشكلة الظلمة الصغار.
عُقوقِ الوالدين وذلك بالسفرِ بدون إذنِهِما أو تركِهِما وهم في حاجةٍ ماسةٍ إليك
بل كثير من هؤلاء يطلب منهم أباؤهم السفر إما للحاجة الماسة أو للخوف عليهم.
السكنى بين ظَهرانَي الكفارِ من غيرِ ضرورةٍ وهذا محرمٌ
لي ملاحظات على هذا:
1. الأدلة التي سقتها لا تدل على المقصود لأنها تشير إلى من يقيم بين الكفار المحاربين الذين يفتنون المسلم عن دينه.
2. أذن النبي، صلى الله عليه وسلم لبعض من كان في دار الحرب بالبقاء إذا لم يخف الفتنة. قال الإمام الشافعي، رحمه الله:" ودلت سنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على أن فرض الهجرة على من أطاقها، إنما هو على من فتن في دينه بالبلد الذي يسلم بها، لأن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أذن لقوم بمكة أن يقيموا بها بعد إسلامهم، العباس بن عبدالمطلب وغيره، إذ لم يخافوا الفتنة، وكان يأمر جيوشه أن يقولوا لمن أسلم:" إن هاجرتم فلكم ما للمهاجرين، وإن أقمتم فأنتم كأعراب"، وليس يخيرهم إلا فيما يحل لهم". انتهى الأم ج 4 ص170 طبعة دار الفكر، 1403 هـ.
3. لو أراد المسلمون الذين يقيمون في ديار الكفار تنفيذ ذلك وفيهم ثلاثمائة مليون هندي وملايين الأفارقة وملايين الأوربيين فمن سيستقبلهم؟ ومن سيعطيهم الإقامات؟ وأعدادهم أكبر من عدد العالم العربي بأكمله. ونحن جربنا أن نحصل على الإقامة لأفراد قلائل فلم يتيسر، هذا غير حاجات الحياة الأخرى كالصحة والدراسة وغيرها.
فإذا وجبَ بالكتابِ وإجماعِ الأمةِ على مَنْ أسلمَ بدارِ الحربِ أنْ يَهْجَرَهُ ويلحقَ بدارِ المسلمينَ ولا يَثْوِي [15] بين المشركينَ ويُقيمَ بين أظهرهِم لئلا تجري عليه أحكامُهم
لاندري هل بلاد الكفار اليوم هي دار حرب أم لا. لأن الدار تكون دار حرب إذا أعلن أئمة المسلمين الحرب، وهذا ما لانجده الآن. بل نجد الزيارات المتبادلة، والاستثمارات الهائلة، والعلاقات الحميمة، والعضوية المشتركة في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، والتوقيع على المعاهادت الدولية المختلفة.
وقد كره مالكٌ رحمه الله أنْ يسكنَ أحدٌ ببلدٍ يُسبُّ فيه السلفُ
هذا قاله مالك حين كانت بلاد المسلمين واحدة، والسنة ظاهرة، وكان يمكن للمسلم أن يقيم حيث شاء من بلاد المسلمين. أما اليوم، فالمسلم المحافظ على السنة، القائم بما أوجب الله عليه، يجد مشقة بالغة في قبوله لاجئا في أي بلد من بلاد المسلمين، بل قد يكون ذلك مستحيلا. ولهذا أنصح أخي أن يقدم لنا نصيحة عملية تجد من يسمعها ولايكون دأبنا نقل النصوص دون تدبر.
هذه بعض التنبيهات كتبتها على عجالة، ولي ملاحظات أخرى تركتها لضيق الوقت وخشية الإطالة.
والله أعلم
والحمد لله على كل حال
ـ[أبو ممدوح]ــــــــ[21 - 10 - 08, 06:25 م]ـ
أتعجب من بعض الاخوة الذين تصيبهم "حساسية" كلما طرق أحد الاخوة على موضوع حرمة الاقامة في بلاد الكفر و كأنها بلاده!!!!
ـ[أبو الوليد الهاشمي]ــــــــ[08 - 11 - 08, 07:43 م]ـ
الحراقة في عرفنا الجزائري هم الذين يقيمون في بلاد الغير دون وثائق ولا دخل للاستعمار في ذلك
وقد نطلق هذا الاسم على الذي يمر بين الحدود دون إذن من السلطات أو يركب البحر وأمواجه ليصل إلى الضفة المقابلة نقول (حرق لفرانسا أو المرّوك أي المغرب).
ثم قد عجلت في الرد فإما أن تريد أن تحق حقا فما هكذا تورد الإبل فلو رجعت إلى موقع منبر وهران ورأيت حقيقة المقال والهدف منه أو الأخرى ولا أريد لك ذلك وما أظنك فاعلا
ولو رأيت الذين ماتوا في البحر العام الماضي من خيرة الشباب لأيدت فكرة الرد على هؤلاء ولكنت من العادلين.
على العموم إن ابتليت بالإقامة في دار الكفر كما هو الحال معي فلا تأخذك الأنفة واعمل على فعل الشروط التي تجوز لك ذلك
وإن لم تكن قد ابتليت بها فبالله لا تتمن ذلك إلا أن تكون رافعا راية الإسلام
أسأل الله لنا ولكم أن يميتنا بأرض يعبد فيها الله وأن يخرجنا من هذه البلاد سالمين غانمين لا ضالين ولا مضلين
¥