لقد سقط قارون العصر، الرأسمالية الأمريكية، كنز كنوز الأرض: (وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ).
وخسف الله به، من حيث لم يحتسب، وكان يُعرض مستكبرا عن نصيحة الناصحين: أنْ لاتبطر في الأرض، وأحسن إلى الناس، ولا تفسد.
(إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْفَرِحِينَ، وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ، وَلاَ تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ، إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِين)
فكان يستكبر، (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي)،وينسى أنَّ سنة الله تعالى، أن يهلك الطغاة، ويجعل المجرمين عبرة، ولكن بعد إمهالهم: (أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ، مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا، وَلاَ يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ)
وجاء تائها من آخر الأرض، يمشى بأساطيله بطراً، يهريق الدماء، ويقتل الأبرياء، ويحتل الشعوب، ويرهب القلوب.
وقد اغترَّ الجاهلون بظاهر قوِّته،، وانبهروا بكنوزه وعظمته: (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ، قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا: يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ، إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ).
وثبت الذين أوتوا العلم، فحذَّروا الناس من السير وراء هذا الصنم المزيَّف، والإغترار بما يقوله كهنتُه، وسدنتُه: (وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلاَ يُلَقَّاهَا إِلاَّ الصَّابِرُونَ).
ثم جاء وعيد الله تعالى، فبدا الخلق كلُّهم عاجزين عن إنقاذ قارون العصر، وهم في حيرة، ودهشة، كيف خسف الله به، فلم يكن له وليُّ ينصره من بأس الله تعالى؟!: (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ).
والعجب أن هذا الخسف إنما حدث بيد أمة الإسلام، التي لها الفضل على البشرية، بما تحملته من دماء، وأشلاء، ودمار، وتضحيات، لتوقف عجلة هذا الصنم،وتحطم طغيانه الذي ذاق العالم كله ويلاته.
ثم هي بعد ذلك مجحودٌ فضلها، مكذوبٌ سعيها، محتقرٌ إنجازها!!
هذا .. ولايخفى أنَّ هذا الحدث المهول الذي دهم العالم هذه الأيام، لايعني أنَّ أمريكا ستنتهي وتختفي، بل هي بداية تغير استراتيجي على المشهد العالمي، سينتج منه ما يلي:
نهاية التسيُّد الأمريكي الإقتصادي والسياسي وإلى الأبد.
ولادة نظام عالمي متعدِّد القطبية.
دخول الكيان الصهيوني في مرحلة عصيبة، تؤذن بقرب نهايته.
تغيرات سياسية كبيرة في النظام العربي.
وأنَّ هذا سيحدث بالتدريج على مدى عقد من الزمن ـ والله أعلم ـ فإنْ كتب الله تعالى لنا حياةً بعد ذلك، فسنشهد ـ والله أعلم ـ تغيرات كبيرة، بعض صورها: عودة حركة طالبان، وتغير جذري في باكستان، ومواجهة إسلامية واسعة للمشروع الصفوي ينتهي بفشله، وبروز حالة إسلامية شاملة، تتحول إلى نهضة منظمَّة، فميلاد كيان سياسي إسلامي منافس عالميَّا.
وسواء قرت أعيننا بهذا الأمل، أم شهده من بعدنا، فنسأل الله تعالى أنْ يكتب لنا أجر حبِّنا لعودة الإسلام، وفرحنا بيوم نرى فيه عزَّ المسلمين، أمّا الإسهام في صنعه، فنحن أحقر من ذلك، وأقلُّ شأنا، غير تعلقنا بأمل أنَّ المرء مع من أحب يوم القيامة، وما خاب من كان أمله بالله تعالى، وحسبنا الله ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير
الشيخ حامد بن عبدالله العلى
ـ[الأسيف]ــــــــ[13 - 10 - 08, 02:49 ص]ـ
وفقكم الله
الإسلام قادم رغم أنوف الجبابرة
ـ[أبو محمد المصري الأثري]ــــــــ[13 - 10 - 08, 04:41 ص]ـ
الإسلام قادم رغم أنوف الجبابرة
طبعاً