ثانياً: أن الشخص الواحد تكون فيه حسنات وسيئات، فيثنى على حسناته، وتذم سيئاته، والفاتح وجيشه وإن كانوا أشاعرة فإنهم مجاهدون في سبيل الله تعالى، معلون لكلمته، مظهرون لدينه؛ فيحمدون على ذلك، ويثنى علىهم به، ولا يلزم من ذلك عصمتهم من الخطأ، والثناء عليهم من كل وجه، ولا يستدل بتزكيتهم في الجملة على صحة ما أخطئوا فيه.
نعم! يصح ذلك لو كانت التزكية لعقائدهم وهو ما لم يكن، ولعل جهادهم في سبيل الله تعالى، وما قام في قلوبهم من التوكل عليه، وصدق التعلق به، حتى بذلوا أرواحهم رخيصة في سبيل الله تعالى، وفتحهم لهذه المدينة العتيدة يكون سبباً في مغفرة ذنوبهم التي منها تمذهبهم بمذهب الأشاعرة، وأخذهم بطرائق المتصوفة.
الوجه السادس: أن الجيش يكون خليطاً من القادة والعلماء والعامة، وهو خليط من الصالحين، ومن هم أقل صلاحاً؛ وأي ثناء عليهم فإنه ينصرف للعموم، ولا يلزم منه الثناء على أعيانهم فرداً فرداً؛ وذلك لتعاونهم على أمر يحبه الله تعالى، فيحصل لكل فرد منهم من الثناء والتزكية بقدر ما قدم في هذا العمل المزكى، ومن المتفق عليه أن الجيش الذي يقوده النبي صلى الله عليه وسلم، ويكون جنده من الصحابة رضي الله عنهم هو خير جيش وجد في الدنيا، وهو خير من الجيش الذي فتح القسطنطينية، وهو أولى بالثناء منه، ومع ذلك وجد فيه من غلَّ من الغنيمة، ومن قتل نفسه، بل كان فيه منافقون يُظهرون الإيمان ويبطنون الكفر، ورغم ذلك فإن هذا الجيش كان محل مدح وثناء في الكتاب والسنة، ولا يلزم من ذلك مدح المنافقين الموجودين فيه، أو مدح أهل الغلول، أو من قتل نفسه.
الوجه السابع: أننا لو لم نعتبر كل الأوجه الستة الماضية، وسلمنا أيضاً بأن جيش الفاتح كلهم أشاعرة وماتريدية؛ فإن قصارى ما يفيده هذا الحديث احتمال تزكية عقائد ذلك الجيش، وأنهم على الحق، بينما نصوص الكتاب والسنة وإجماع الأمة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان تقطع بخطأ الأشاعرة والماتريدية والمتصوفة، فهل تترك الأدلة المتواترة المقطوع بها ثبوتاً ودلالة لمجرد دليل محتمل قد ضعف من جهة ثبوته، وأما من جهة دلالته على المراد فهو أضعف وأضعف؟! هذا غير مستقيم في المنهج العلمي. وبناء على ذلك فليس لأي صوفي أو أشعري أو ماتريدي أن يحتج على مذهبه الخاطئ بهذا الحديث. والله أعلم.
ـ[العويشز]ــــــــ[07 - 10 - 08, 03:02 ص]ـ
أحسنت يا فضيلة الشيخ إبراهيم
وأسأل الله تعالى أن يزيدك من فضله
ـ[أبو لجين]ــــــــ[07 - 10 - 08, 01:11 م]ـ
بالجمع بين أحاديث فتح القسطنطينية يتبين أن المقصود هو جيش المهدي ومن معه، وذلك في آخر الزمان.
قال صلى الله عليه وسلم (عمران بيت القدس خراب يثرب، و خراب يثرب خروج الملحمة، و خروج الملحمة فتح القسطنطينية، وفتح القسطنطينية خروج الدجال)
وهنا وصف فتح القسطنطينية، في قوله صلى الله عليه وسلم (لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق، فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ، فإذا تصافوا، قالت الروم: خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم، فيقول المسلمون: لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا، فيقاتلونهم، فيهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبدا، ويقتل ثلث هم أفضل الشهداء عند الله، ويفتح الثلث، لا يفتنون أبدا، فيفتحون القسطنطينية، فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون، إذ صاح فيهم الشيطان: إن المسيح قد خلفكم في أهليكم، فيخرجون وذلك باطل، فإذا جاؤوا الشام خرج، فبينما هم يعدون للقتال، يسوون الصفوف، إذ أقيمت الصلاة، فينزل عيسى ابن مريم، فأمهم، فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح في الماء، فلو تركه لانذاب حتى يهلك، ولكن يقتله الله بيده، فيريهم دمه في حربته)
ـ[إبراهيم بن محمد الحقيل]ــــــــ[08 - 10 - 08, 02:45 م]ـ
وإياك أخي العويشز، وأشكرك على مرورك وتعليقك، وجزاك الله تعالى خيرا، ونفع بك الإسلام والمسلمين آمين
ـ[إبراهيم بن محمد الحقيل]ــــــــ[09 - 10 - 08, 11:08 م]ـ
حياك الله أبا لجين، وشكر الله تعالى لك مرورك.
والوجه الثالث من الرد متضمن لما ذكرته في مشاركتك فلعلك قرأت المقال على عجل، فلم تنتبه له. أكرر شكري لك.