والأحوط – والله أعلم -: ترك اتخاذ اللعب المصورة لأن في حلِّها شكًّا، للاحتمال القوي أن يكون إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة قبل الأمر بطمس الصور، عام الفتح، ووصيته لعلي –رضي الله عنه-، أو أن بنات عائشة لم يكنَّ ذات صورة.
وتمرين البنات بلعب غير مصوَّرة و سرورهن بها ممكنٌ، وحسمٌ لمادة بقاء الصورة المجسّدة (26) وعملٌ بقوله صلى الله عليه وسلم: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" (27). وقوله: "الحلال بيِّنٌ والحرام بيِّنٌ وبينهما أمور مُشَبَّهاتٌ ... " (28).
ولسد ذريعة التوسُّع في التفنن بتصويرها وتشكيلها ودقَّةِ تصنيعها بأعضاء وصفات كهيئة المولود الذي خلقه الباري سبحانه، يضحك ويبكي ويرضع وينام، فسَدُّ هذا الباب أحسن.
ولتعويد بناتنا الصغيرات على حرمة التصوير، وتعظيم خطره، والحذر منه؛ فينشأن على تعظيم حدود الله، و البعد عن معصيته، و هذا –والله- مغزى أصيل يجدر أن تزرع بذوره بعناية في قلوبهن لتثمر بمحبة الله و إجلاله و طلب مرضاته.
قال الحليمي –رحمه الله-:
إن عملت اللعبة من خشب أو حجر أو نحاس شبه آدمي تام الأطراف كالوثن، وجب كسره، أما إن كانت الواحدة منهن تأخذ خرقة فتلفّها ثم تشكلها بشكل من أشكال الدُّمى وتسمِّيها بنتًا أو أمًا فلا بأس أن تلعب بها ولا تمنع منها، وفيه انبساط قلبها وحسن نشوتها وممارستها معالجة الصبيان (29).
و في أسواقنا - بحمد الله -ألوان من الدمى و (العرائس) المصنوعة من القطن و الصوف كاملة الهيئة ممسوحة الوجه.
3 - الصِّفةُ الشَّرعيّةُ للدُّمى:
أ - طمس الصورة (الوجه).
استعمال كلمة (الصورة) في الحديث النبوي مطلَقَةً يراد به «الوجه».
روى مسلم في صحيحه عن سُوَيْدِ مُقَرِّنٍ أن جاريةً له لطمها إنسانٌ، فقال له سويدٌ: أما علمتَ أنَّ الصُّورة محرمة؟ فقال: "لقد رأيتني، وإنِّي لَسَابعُ إِخْوَةٍ لي، مع رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، ومَا لَنَا خَادِمٌ غَيْرُ وَاحِدٍ، فَعَمَد أَحَدُنَا فَلَطَمَهُ، فَأَمَرَنَا رسول الله عليه وسلم أن نعتقه" (30).
وفي رواية عنده عن سويد قال: عَجَزَ عليكَ إلاّ حُرُّ وَجْههَا؟ (31).
ب- أن لا تكون رمزًا لأحد معالم الكفار، أو مشاهيرهم أو شعارًا لشيء من عبادتهم. سدًا لذريعة التشبه بهم وتقليدهم في باطلهم أو تعظيم شعائر دينهم.
وقد جاءت الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع على الأمر بمخالفة الكفار، والنهي عن التشبه بهم، لأن المشابهة الظاهرة تفضي إلى الموافقة الباطنة، فإنه إذا أشبه الهديُ الهديَ أشبه القلبُ القلبَ وأورث تناسبًا في القصد والعمل (32).
قال تعالى: "و من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى و يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى و نصله جهنم و ساءت مصيراً" (33).
وقال تعالى:"و لن ترضى عنك اليهود و لا النصارى حتى تتبع ملّتهم قل إن هدى الله هو الهدى و لئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي و لا نصير" (34).
- وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكَمُ شِبرًا بِشِبْرٍ وذراعًا بذِرَاعٍ حتَّى لو سَلَكُوا جُحْر ضَبٍّ لَسَلَكْتمُوُهُ، قلنا: يا رسول الله: اليهودَ والنصارَى؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: فمن؟ " (35).
ومن تلك الدُّمى المكروهة ما أنتجتها الحضارة الغربية رمزًا لإحدى شهيرِات الغناء، وهي باهظة الثمن كثيرة الحلل، محفوفة بألوان من المساكن والمراكب والأدوات.
ومن الدُّمى التي تعتبر سمةً لديانة الكفر ما صوِّر على هيئة حيوان (الخنزير) و (الكلب) - أعزكم الله-، ولا شك أن التهاون بدفعها إلى الأطفال وتمكينهم منها يربيَّ في نفوس الصغار إلفها وحبَّها والتمسك بها، وهي أمور ممنوعة شرعًا.
ج- خلوّها من الموسيقى. لتتربى نفوسهن على النفور من مزامير الشيطان منذ طفولتهن.
د- عدم الإسراف في اللعب والدُّمى.
وذلك بإنفاق الأموال لاقتناء الدمى ذات الأثمان الباهظة، وتبذير المال في شراء الأنواع الكثيرة من اللعب التي تزيد عن حاجة الصغيرة وسرعان ما تتلفها.
قال تعالى: "و لا تبذر تبذيراً إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين و كان الشيطان لربه كفوراً" (36).
¥