فكرة واحدة، لكن في التليفزيوني تسرع الصورة، من ست عشرة مرة إلى خمس وعشرين في الثانية الواحدة.
لكن بعض العلماء الذين فرقوا بينهما رأوا أن الفوتوغرافي تكون الصورة فيه ثابتة، بينما التليفزيوني لا تبقى ثابتة بل تختفي بمجرد إطفاء جهاز التلفاز، ولكن هذا الفرق في الحقيقة فرق غير مؤثر ولا يقوى لأن يكون مبررا للتفريق بينهما؛ لأن هذا الفرق يخضع لطبيعة استخدام كل منهما، وإلا فإن فكرة عملهما في الأساس واحدة.
وأقول: يلزم من قال بأن هذا الفرق مؤثر، أنه لو أمكن إخفاء الصور الفوتوغرافية يكون حكمها حكم الصور التليفزيونية، وهذا لا يقول به أصحاب هذا القول، وقد وجد هذا بالفعل في الوقت الحاضر ففي بعض أنواع الهواتف المحمولة الآن، بعض أنواع الهواتف المنقولة، يمكن إبراز الصور الفوتوغرافية، ويمكن إخفاؤها داخل جهاز الهاتف، هذا التصوير أيها الإخوة أفادنا الآن في معرفة طبيعة التصوير، وأنه حبس لهذه الأشعة التي تصدر من الأجسام وتقع على عدسة التصوير، وأنه لا فرق بين التصوير الفوتوغرافي والتليفزيوني من حيث العمل، والفكرة إلا أن التليفزيوني تكون الصورة فيه مسرعة بدرجة كبيرة، والفوتوغرافي ليس كذلك، وحينئذ فلا بد أن يكون حكمهما واحدا والتفريق بينهما لا وجه له؛ لأن فكرتهما واحدة، فإذا كان فكرتهما واحدة فيتعين أن يكون حكمهما واحدا.
اختلف العلماء المعاصرون في حكم التصوير الآلي بأنواعه، على قولين مشهورين:
القول الأول: أن التصوير بأنواعه سواء كان فوتغرافيا أو تليفزيونيا، أنه محرم كسائر أنواع التصوير اليدوي، ولكن يجوز منه ما تدعوا إليه الضرورة أو تقتضيه المصلحة كالتصوير لأجل بطاقة الأحوال ورخصة القيادة، والدراسة والوظيفة ونحو ذلك، ومن أبرز من ذهب إلى هذا القول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
والقول الثاني في المسألة: أن هذا التصوير بأنواعه سواء كان فوتوغرافيا أو تليفزيونيا، أنه لا يدخل في التصوير المحرم، وأنه جائز ولا بأس به، ومن أبرز من قال بهذا القول الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله.
ونأتي لأدلة أصحاب كل قول، أما القول بالتفريق بينهما فنرى أنه قول ضعيف لا يستقيم، لأننا لما شرحنا عملية كيف تتم عملية التصوير، رأينا أن الفكرة واحدة، ولهذا فإننا نستبعد القول بالتفريق بين التليفزيوني والفوتوغرافي.
أدلة القول الأول القائلون بتحريم التصوير الفوتوغرافي أو التليفزيوني التصوير الآلي عامة، قالوا: إن هذا التصوير لا يخرج عن كونه نوعا من أنواع التصوير، ولذلك فإنه يسمى تصويرا لغة وشرعا وعرفا، قالوا: أما كونه يسمى تصويرا لغة، فلأن الصورة معناها في اللغة الهيئة والشكل، وهذا يصدق على هذا النوع من التصوير، وأما كونه يطلق عليه تصوير شرعا فلأن النصوص جاءت بشأن الصور والتصوير عامة، فتشمل كل ما يسمى تصويرا، وأما كونه يسمى تصويرا عرفا فلأن هذا مما تعارف الناس على أنه تصوير، ويسمونه تصويرا، ويسمون الآلة آلة تصوير، ويسمون من يقوم بضغط الزر مصورا.
وثانيا: قالوا إن هذا التصوير الآلي هو ليس مجرد التقاط للصورة التي خلقها الله وإنما يقوم المصور بعمل وبجهد فيقوم بتصويب الآلة نحو الهدف واتخاذ الإجراءات التي تكون أثناء عملية التصوير، حتى تنتج الصورة بالإضافة إلى الجهد الذي يبذله صناع الآلة في صنعها وإعدادها، وما يقوم به المصور بعد التقاط الصورة من التحميض ونحو ذلك، فهو يقوم بعمل، فهو يشبه من يقوم بالتصوير غير الآلي، كل منهم يقوم بعمل لإيجاد هذه الصورة، ثم إنه لا أثر للاختلاف في وسيلة التصوير وآلته، وإنما العبرة بوجود الصورة، فمتى وجدت وكانت هذه الصورة لذوات الأرواح وجد الحكم وهو التحريم.
ثالثا: قالوا إن التصوير الفوتوغرافي هو إنما هو تطور لمهنة التصوير اليدوي كما تطورت سائر المهن والصناعات، فكما أن كثيرا من المصنوعات كانت قديما تصنع باليد، ثم أصبحت الآن تصنع آليا هكذا الصور، كانت في السابق تكون يدويا، وتطورت في الوقت الحاضر فأصبحت آليا، وحكمهما واحد.
¥