تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الأدلة العملية في بيان أن سكوت الذهبي في تلخيص المستدرك لايعد موافقة منه للحاكم]

ـ[أبو حميد الفلاسي]ــــــــ[20 - 02 - 03, 06:36 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد ...

فإنه قد كثر في هذا العصر استعمال بعض الأفاضل من المهتمين بعلم الحديث الشريف اصطلاح: ((صححه الحاكم، ووافقه الذهبي) فيما أورده الإمام الذهبي – رحمه الله تعالى – في كتابه: ((تلخيص المستدرك)) من كلام الحافظ أبي عبد الله الحاكم النيسابوري – رحمه الله تعالى -، ومعتبرين أن مجرد سكوت الذهبي على كلام الحاكم هو موافقة منه له.

وحقيقة أن استعمال هذا الإصطلاح في غاية البعد عن الصواب، لأن موضوع كتاب ((تلخيص المستدرك)) ما هو إلا تلخيص للإحاديث – إسنادًا ومتنًا – مع تلخيص أقوال الحاكم في أقواله على مروياته فحسب، إضافة إلى بعض التعقبات التي يوردها الذهبي على هذه الأقوال.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى: أنها مخالفة لصنيع الإمام الذهبي في تعامله مع كثير من مرويات الحاكم عندما يوردها في مصنفاته الأخرى، فتجده يخالفه في تصحيحه للأحاديث بكونها على شرط الشيخين، أو أحدهما، مع أنه سكت عليها في أختصاره للمستدرك.

ولعلمي أن هذه النقطة بالذات هي خير شاهد على أن ما سكت عليه الذهبي في تلخيصه لمستدرك الحاكم ليس موافقة منه له، أحببت أن أورد لإخواني الأفاضل – حفظهم الله تعالى – مجموعة من المرويات التي صححها الحاكم في مستدركه، وسكت عليها الذهبي في التلخيص، ثم قام الذهبي بتضعيفها في مكان آخر في أحد تصانيفه.

ومن هذه المرويات:

1 - روى الحاكم في المستدرك (1/ 544 - 545) حديثًا في إسناده أحمد بن محمد بن داود الصنعاني من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: ((نزل جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم في أحسن صورة لم ينزل في مثلها قط ... )) الحديث.

قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد فإن رواته كلهم مدنيون ثقات)).

اختصر الذهبي هذه المقولة في التلخيص إلى: ((صحيح رواته ثقات)).

ثم ترجم في الميزان (1/ 136) لأحمد بن محمد بن داود الصنعاني وقال: ((أتى بخبر لا يحتمل)) ثم أورد حديثه هذا، ثم قال: ((قال الحاكم: صحيح الإسناد.

قلت: كلا.

قال: فرواته كلهم مدنيون.

قلت: كلا.

قال: ثقات.

قلت: أنا أتهم به أحمد)).

2 - روى الحاكم في المستدرك (2/ 545) حديثًا من رواية عمر بن إبراهيم العبدي، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كانت حواء لا يعيش لها ولد، فنذرت لئن عاش لها ولد سمته عبد الحارث ... )) الحديث.

قال الحاكم: ((صحيح الإسناد ولم يخرجاه)).

فاختصر الذهبي كلام الحاكم في التلخيص بقوله: ((صحيح)).

ثم أورد هذا الحديث في الميزان لما ترجم لعمر بن إبراهيم العبدي بقوله: ((صححه الحاكم، وهو حديث منكر كما ترى)).

3 - روى الحاكم في المستدرك (1/ 473) من طريق محمد بن حبيب الجارودي قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ماء زمزم لما شرب له ... )) الحديث.

قال الحاكم: ((صحيح الإسناد إن سلم من الجارودي ولم يخرجاه)).

وكذا نقل الذهبي قول الحاكم في التلخيص، دون جملة: ((ولم يخرجاه)).

ثم أورد الذهبي في الميزان (3/ 185) هذه الرواية بهذا الإسناد وقال: ((فإنه بهذا الإسناد باطل، ما رواه ابن عيينة قط؛ بل المعروف حديث عبد الله بن المؤمل، عن أبي الزبير، عن جابر مختصرًا)).

4 - روى الحاكم في المستدرك (1/ 169) من طريق ثور، عن راشد بن سعد، عن ثوبان رضي الله عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فأصابهم البرد ... )) الحديث.

قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه بهذا اللفظ)).

اختصر الذهبي كلام الحاكم في التلخيص بقوله: ((على شرط م)).

ثم أورد في السير (4/ 491) هذه الرواية من طريق ثور، ثم قال: ((إسناده قوي، وخرجه الحاكم فقال: على شرط مسلم، فأخطأ: فإن الشيخين ما احتجا براشد، ولا ثور من شرط مسلم)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير