يقول هذا الحاقد الصليبي و هو يصف الأندلسيين المسلمين خلال حرب البشرات (1568 - 1570) التي خاضوها ضد النصارى الإسبان:
"إن التفكير في الأهوال التي ارتكبها المورسكيون و قطاع الطرق في البشرات وفي مختلف بقاع مملكة غرناطة شيء يدعو إلى الحزن حقيقة. كان أول ما فعلوه هو اتخاذ أسماء و ألقاب خاصة بطائفة محمد و إعلانهم أنهم مسلمون خارجون عن العقيدة الكاثوليكية المقدسة التي كانوا يؤمنون بها هم و آباؤهم و أجدادهم. كان من المستغرب أن ترى كيف كانوا ـكبارا و صغارا ـ على دراية بتعاليم طائفة محمد اللعينة: كانوا يؤدون الصلاة لمحمد، وإليه يوجهون دعاءهم"
ثم بدأ برمي المحصنات المومنات الغافلات قائلا:
"و كانت النساء المتزوجات يكشفن صدورهن و كانت العذارى يكشفن رؤوسهن و يسدلن شعورهن على أكتافهن. كن يرقصن علنا في الشوارع و يعانقن الرجال. كان الشباب يسيرون أمامهن يجلبون لهن الهواء بالمناديل و يقولون بصوت عال إن وقت البراءة قد حان و إنهم سيذهبون إلى الجنة لأن دينهم متحرر, و كانوا يسمونه دين اللطف ... " (3)
هكذا يكون تزييف التاريخ فالمرأة المسلمة كما صورها الخبيث كانت تكشف صدرها وتعانق الرجال و ترقص في الشارع.
لكن سبحان من برّأ مريم عليها السلام و عائشة رضي الله عنها من فوق سبع سماوات و نفى عنهما افتراءات المفترين و كذب الكاذبين.
لقد حفظ لنا التاريخ دليلين قويين على براءة المرأة الأندلسية المسلمة مما افتراه مارمول فرجع كيده خائبا و هو حسير.
2 - الدليل الأول على براءة المرأة الأندلسية المسلمة من التبرج و المجون.
أمام إصرار الأندلسيين على التشبث بالمظاهر الإسلامية رغم منع محاكم التفتيش لذلك, قام الملك الإسباني فيليب الثاني سنة 1567م (أي بعد 75 سنة على سقوط غرناطة و زوال دولة الإسلام) بإصدار قرار حاسم يحظر كل المظاهر الإسلامية تحت طائلة الموت. وجاء في قائمة المنع:
"- حظر اللباس المورسكي على الرجال و النساء و إلزام النساء-بالإضافة إلى ذلك- بكشف الوجه." (4)
نعم الملك الإسباني شخصيا أصدر قرارا بكشف وجه النساء الأندلسيات و هذا يعني بكل بساطة أنهن كن لا يكشفن عن وجوههن بعد مرور 75 سنة من محاولات التنصير. فلله ذرهن من نساء طاهرات عفيفات متحجبات كامل التحجب و أين؟ في عقر دار الكافر الصليبي الإسباني الذي كان يتباهى بكونه حامي الكاثوليكية في العالم و قاهر المسلمين.
فكيف يا مارمول بنساء لا يكشفن حتى عن وجههن يقمن بكشف شعرهن و صدورهن في الشوارع و يعانقن الرجال؟
و قد حاول الأسبان تنفيذ هذا القرار لكن الأندلسيين قاموا في السنة الموالية بثورة كبرى دفاعا عن عقيدتهم و محارمهم. و استمرّت هذه الحرب 3 سنوات انتهت بهزيمة المسلمين و استفحال غطرسة محاكم التفتيش ضدهم.
3 - الدليل الثاني على براءة المرأة الأندلسية المسلمة من التبرج و المجون
مباشرة بعد إصدار الملك فيليب الثاني لهذا القرار قام أحد أعيان غرناطة فرانسيسكو نونيث مولاي بمراسلة محكمة غرناطة رادا على هذا القرار و مبينا أن عادات الأندلسيين لا تخالف عادات الأسبان و أنها لا تهدد الأمن.
تقول الباحثة الإسبانية غارسيا مرثيدس أرينال عن هذه الوثيقة المهمة:
"و في عام 1567, حين لم يكن هناك مجال للتأجيل, أرسل أحد أعيان المورسكيين- و هو فرانثيسكو نونيث مولاي – إلى محكمة غرناطة مذكرة ننقل نصها (المذكرة مودعة في مكتبة مدريد الوطنية-المخطوطة رقم 6176). يضع نونيث في اعتباره أهمية القضية فيحاول تصوير هذه الخصائص على أنها مجرد عادات محلية و يسعى إلى أن يٌقبل اللباس المورسكي كما يقبل الزي الخاص بقشتالة أو أراغون, و أن تقبل اللغة العربية كما تُقبل اللغة الغاليثية أو القطالونية.
لم تحقق المذكرة أدنى درجة من النجاح, و سيكون تنفيذ هذه القرارات هو السبب الرئيسي في ثورة البشرات"
ثم بدأت الباحثة الإسبانية في سرد نص المذكرة و التي أعتذر عن عدم نقلها كاملة لطولها و ضيق الوقت لكن أكتفي بنقل الشاهد من المذكرة على أن أنقل المذكرة كاملة قريبا بإذن الله.
"يقول فرانسيسكو في مذكرته إلى محكمة غرناطة مخاطبا الملك فيليب الثاني:
¥