وفي باب من الشرك لبس الحلقة والخيط استدل الامام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله بأثر حذيفة رضي الله عنه: انه رأى رجلا في يده خيط من الحمى فقطعه، وتلا قوله تعالى {وما يؤمن اكثرهم بالله إلاوهم مشركون}.
وهذا غيض من فيض من لزوم الامام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله لدين السابقين الأولين.
ثم ان خليل حيدر نفسه متناقض فتراه حينا يستدل بكلام البوطي في الفرية على الامام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في زعمه ان دعوته محدثة غير موصولة بالسابقين الاولين، وفي موضع آخر ينقم على الامام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله وأهل السنة رد الرأي المذموم مستدلين بزجر الصحابة والتابعين عن ذلك كما نقل عن عمر بن الخطاب وابن مسعود رضي الله عنهما، والشعبي رحمه الله وغيره، كما أنه وصف أهل السنة بأن عقيدتهم ودعوتهم متوارثة عن أهل الحديث كما في مقاله في صحيفة «الوطن» بتاريخ 29/ 7/2008م، وفي مقاله بتاريخ 12/ 8/2008 ذكر عن أهل السنة تمسكهم بمأثورات السنة وطرائق السلف فيبدو ان خليل حيدر لايدري ماذا يخرج من رأسه، ويهرف بما لايعرف فهكذا الجهل يورد صاحبه موارد التناقض والظلم، عافانا الله.
الجاهل المرتاب لا يكون حكما على أهل السنة
من المعلوم أن المرتاب الذي لا يعرف الحقائق وجاهل بالعلم الشرعي لا يجوز له أن يطلق لسانه بنقد أهل السنة وعلمائها، لأن الشهادة لا تكون إلا بعلم كما قال تعالى «إلا من شهد بالحق وهم يعلمون»، وكما قال تعالى «فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك».
فخليل حيدر جاهل جهلا مركبا بآكد أحكام الشريعة وأهم مهمات العقيدة فما كان له ولأمثاله أن يطلقوا العنان لأقلامهم في نقد دعوة أهل السنة وعلمائها، ومجازفته في النقد دليل الهوى، وإلا فإن متين الإيمان لا يتكلم بما ليس له به علم كما قال تعالى «ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا».
قال أبو الوليد الباجي رحمه الله: «وقد نطق الكتاب المنع من الجدل لمن لا علم له والحظر على من لا تحقيق عنده، فقال تعالى «ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم» «آل عمران:66»، المنهاج بترتيب الحجاج ص8.
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله: «والرد على من خالف أمر الله ورسوله لا يُتلقّى إلا عمن عرف ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وخبره خبرة تامة»، الحكم الجديرة بالإذاعة ص38 - 39.
وسأضرب مثالين صريحين يظهر من خلالهما نقد خليل حيدر لأهل السنة بالجهل والظلم، وإنما هو ناقل لكلام البوطي دون تحقيق أو تمحيص:
المثال الأول: يقول خليل حيدر في صحيفة «الوطن» بتاريخ 16 رمضان 1429 هـ مستدلا بالبوطي «إن ابن تيمية وحده هو الذي فرق بين التوسل بالأنبياء والصالحين في حال حياتهم والتوسل بهم بعد موتهم فأجاز ذلك بهم في الحالة الأولى وحرمه في الحالة الثانية، ولا ندري لهذا التفريق أي مستند يرجع إلى عصر السلف، بل إننا – في زعمه طبعا – لم نعثر على أي بحث أو نقاش أو خلاف بين علماء السلف في هذه المسألة»، انتهى كلام حيدر والبوطي.
وهذا الكلام وحده كاف في الدلالة على جهل خليل حيدر والبوطي، وهو كاف في إسقاط نقده كله إذ أساسه الجهل والعدوان والقول بغير علم.
فإن منع الاستغاثة بالموتى والاستسقاء بهم هو إجماع الصحابة وآل البيت المتقدمين، فهذا النبي صلى الله عليه وسلم دفن في حجرة عائشة رضي الله عنها ولم يدخل أحد من الصحابة وآل البيت المتقدمين إلى حجرة قبره للاستسقاء به أو الاستغاثة به أو طلب الرزق والذرية والشفاء من الأسقام.
وهؤلاء الصحابة رضي الله عنهم لما فتحوا «تستر» وهي مدينة بإقليم خوزستان فتحها أبو موسى الأشعري رضي الله عنه في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ووجد أبو موسى وسائر الصحابة رضي الله عنهم الذين معه أهل تستر يستقسون بنعش فيه رجل ميت صالح وقيل هو نبي اسمه «دانيال»، فحفر الصحابة بالنهار ثلاثة عشر قبرا متفرقة، ودفنوه بالليل وسووا القبور كلها لتعمية قبر دانيال على الناس حتى لا يستسقوا به، قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية: «إسناده صحيح».
¥