[برد السحائب على كبد أهل المصائب .. لإخواننا في غرداية]
ـ[سمير زمال]ــــــــ[09 - 10 - 08, 08:30 م]ـ
برد السحائب على كبد أهل المصائب
للشيخ د/ عبد المجيد جمعة
تعلمون ما أصاب مدينة غرداية بالجزائر الحبيبة من فيضانات أخذت الأخظر واليابس
وهذه كلمات كتبها الدكتور جزاه الله خيرا فب موقع منار الجزائر
حال الدعاة إلى الله في الجزائر
الحمد لله المتفرّد بالحياة والبقاء، الذي كتب على عباده الموت والفناء، ليبلوهم بالسرّاء والضرّاء، ما يفزعهم إلى توحيده، فيستكنون إليه ويتضرّعون بالابتهال والدعاء؛ لأنّه تعالى هو الذي يجيب الدعوات، ويكشف الكربات، ويقضي الحاجات.
أمّا بعد، فإنّ الجزائر قد نكبتها نكبة عظيمة، وألَمّت بها فجيعة مؤلمة، أصابت عضوًا من أعضائها، ومدينة من مدنها، وهي مدينة «غرداية» العتيقة؛ فبعد القحط والجفاف، والسنين العجاف، تصاب بعواصف عاتية، وأمطار منهمرة، أيقظت واديها الكبير، فتسبّب في سيول جارفة، وفيضانات عارمة، أدّى ذلك إلى مقتل العشرات، وانهيار البنايات، وتشرّد العائلات، وتصدّع الطرقات وغير ذلك من الدمار والخراب الذي أتى على الممتلكات.
لذا فإنّنا نواسي أهلنا بـ «غرداية» في مصيبتهم، ونشاركه في آلامهم ومحنتهم، بما نسدي له من نصائح ووصايا عسى أن تشرح صدورهم، وتخفّف كروبهم.
فينبغي عليك ـ أخي المصاب ـ أن تتذكّر:
أوّلاً: الرضى بقضاء الله وقدره وترك السخط.
فيجب عليك أخي المسلم أن تعلم علم اليقين أنّ ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك وأنّ ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وإن شاء العباد، فلا يقبل من مسلم عمل حتى يؤمن بالقضاء والقدر خيره وشرّه، وحلوه ومرّه، لأنّه أحد الأركان الخمس التي بني عليها الإسلام.
فهذه المصائب هي من قدر الله تعالى فمن رضي فله الرضى ومن سخط فله السخط، قال تعالى: ?ما أصابك من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلاّ في كتاب من قبل أن نبرأها إنّ ذلك على الله يسير لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور? [الحديد: 22 ـ 23].
وقال سبحانه: ?ما أصابك من مصيبة إلاّ بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكلّ شيء عليم? [التغابن: 11]. قال ابن عباس رضي الله عنه: «يهدي قلبه لليقين فيعلم أنّ ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه» [علّقه البخاري (8/ 250 الفتح)].
وكان من دعائه صلى الله عليه وسلَّم في الصلاة: «وأسألك الرضا بعد القضاء» [طرف من حديث عمار بن ياسر، أخرجه النسائي صحيح النسائي (رقم: 1304)].
واعلم أخي المصاب أنّ الرضى بقدر الله تعالى يوجب لك رضوانَ الله جلّ وعلا، وانشراح الصدر وسكون القلب وطمأنينة النفس.
وأنّ السخط يوجب لك غضب الربّ وقلق القلب وضيق النفس ويورث الهمّ والغمّ وكسر لبال وسوء الحال وسوء الظنّ بشديد المحال ـ سبحانه ـ.
ثانيًا: الصبر على المصيبة.
فإنّ الصبر يخفّف من وحر المصيبة ويوجب الأجر، والجزع يزيد في المصيبة ويذهب الأجر.
فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلَّم أنّ حقيقة الصبر إنما يكون عند أوّل الصدمة، لأنّ في تلك الحالة يهيج الحزن ويذهل العقل بما دهمه وصدمه، فيكون المصاب فريسة سهلة للشيطان ليتمكّن منه ويوقعه فيما حرّم الله من السخط والجزع.
فروى أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
«مرّ رسول الله بامرأة عند قبر وهي تبكي فقال لها: اتقي واصبري. فقالت: إليك عني فإنّك لم تصب بمصيبتي ولم تعرفه، فقيل لها هو رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، فأخذها مثل الموت فأتت باب رسول الله صلى الله عليه وسلَّم فلم تجد عنده بوّابيه فقالت: يا رسول الله إني لم أعرفك، فقال رسول الله: «إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى» متفق عليه.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
«قوله: الصبر عند عند الصدمة الأولى مثل قوله: ليس الشديد بالصرعة إنّما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب، فإنّ مفاجآت المصيبة بغتة لها روعة تزعزع القلب تزعجه بصدمها، فإن صبر الصدمة الأولى انكسر حدّها وضعفت قوّتها، فهان عليه استدامة الصبر.
¥