تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[قراءة في عقلية إبليس]

ـ[محمد جلال القصاص]ــــــــ[10 - 10 - 08, 09:54 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

[قراءة في عقلية إبليس]

بقلم / محمد جلال القصاص

لا تعجب من عنوان مقالي، ولا تحسب أن الهمة للنبش عن الغريب، بل عن الجديد المفيد؛ نعم لإبليس عقل يفكر به، وله قضية يهتم بها، وهاأنذا أبين لك قضيته التي انتصب لها، وطريقته التي يفكر بها، وآليته التي يعمل بها.

قدمتُ في مقالٍ آخر (أثر الشيطان في تحريف الأديان) أن الشيطان وراء كل انحراف في حياة البشر، وبينت ذلك باستقراء عددٍ من الانحرافات في حياة البشرية. وبعد مزيد من التأمل والقراءة في تلك الانحرافات ومحاولة البحث عن الآلية التي يعمل بها إبليس تبين التالي:

قضية إبليس الرئيسية

الثابت عند إبليس هو لمن يكون (التحليل والتحريم). . (الأمر والنهي). . (التشريع)؟

أو بتعبير آخر مَن يُعَظَّم باتباع أمره واجتناب نهيه؟ من يُتَّبع بتعظيم أمره ونهيه؟! وهذه هي العبادة على الحقيقة، قال الله تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} [يس:60]، وعبادتهم له طاعتهم إياه [1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn1). { اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ} [التوبة: من الآية31]، والمعنى (يحلون لهم ما حرم الله, فيحلونه, ويحرمون لهم ما أحل الله فيحرمونه, ويشرعون لهم من الشرائع والأقوال المنافية لدين الرسل فيتبعونهم عليها) كما يقول السعدي [2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn2).

هذه هي قضية إبليس الأولى.

ويمكن التعبير عنها بصيغة أخرى، وهي القول بأن اللعين يهتم بإخراج العمل من الإيمان، يهتم بأن يبقى الإيمان معرفة خبرية، يهتم بأن يكون الإيمان نظرية، والدعوة تكون لعدد من المفاهيم التي لا تظهر على جوارحِ مَنْ يقتنعُ بها. يهتم بأن يكون التوحيد فقط في شقه الأول (المعرفي الخبري) (الربوبية والأسماء والصفات).

أو يمكن القول جملةً بأن قضية إبليس هي صرف العبادة عن الله ـ سبحانه وتعالى وعز وجل ـ. هذه هي قضيته الأولى.

ومن البديهي أن كل معرفة تتطلب عملاً .. كلَّ معرفةٍ تدفع صاحبها لطلبِ محبوبٍ أو دفعِ مكروهٍ، فكيف لا تحدث المعرفة بالله أثراً في القلب؟ كيف ينحرف إبليس بالناس عن عبادة الله وهم يعلمون أن الله خالقهم ورازقهم ومحيهم ومميتهم؟ كيف يتبع الناسُ إبليسَ وهم يعلمون أنه عدوهم اللدود؟

الإجابة تحت هذا العنوان.

آلية إبليس في الغواية

الواضح أن إبليس له نوعان من الخطاب، نوع يوجه لعوام الناس، ونوع يوجه لخواصهم.

عوام الناس يخدعهم بالوسائط بينهم وبين الله، ويأتيهم من قبل حرصهم على دنياهم، ولذا تراهم (متدينون) أو (مبتدعون)، وتراهم معرضون رضوا بالحياة الدنيا واطمئنوا بها وتراهم عن آيات ربهم غافلون، لا ترتفع همتهم عن فروجهم وبطونهم، وخواص الناس وهم الزعماء وهم الملأ يأتيهم من قبل حبهم للرياسة، وأن الدين سيذهب بسلطانهم أو بملذاتهم، ويجندهم لحرب الدين، ولذا تراهم يجحدون، يعرفون الحق وهم له منكرون .. يضللونَ العامة من الناس.

بكلمة واحدة:يأتي إبليس الناسَ من قبلِ ما يحبون.

فأتى آدم ـ عليه السلام ـ وغرَرَ به حتى أنزله من جنة الخلد، يقول الله تعالى واصفاً ما حصل من إبليس تجاه آدم وزوجه: {فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ} [الأعراف: 22]، وهذه الجملة من المعجز بياناً ومما لا يطيقه بشر، بل مما لا يطيق بيانه بشر في قليل من الكلام، تقذف في قلبك بمعان كثيرة ثقيلة و كبيرة، وتختصر أياماً من الفعال، تشي الآية بأن إبليس أنزل آدم وزوجه من الجنة بهدوء .. بغرور .. أو (أنزلهما من رتبتهما العالية، التي هي البعد عن الذنوب والمعاصي إلى التلوث بأوضارها) [3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn3) .

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير