كُنْ وَليّاً ... يَغبطك (آدم و يوسف و لوطا ... )
ـ[علي سليم]ــــــــ[11 - 10 - 08, 06:09 م]ـ
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على خاتم الأنبياء و المرسلين و على آله و صحبه إلى يوم الدين:
أما بعد:
اخرج الحاكم في المستدرك و صححه الالباني في الصحيحة عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
ان لله عبادا ليسوا بأنبياء و لا شهداء يغبطهم النبيون و الشهداء يوم القيامة بقربهم و مجلسهم منه, فجثا أعرابيّ على ركبتيه فقال: يا رسول الله! صفهم لنا, و جلّهم لنا؟!
قال:
قومٌ من أفناء الناس ,من نزّاع القبائل, تصادقوا في الله ,و تحابوا فيه, يضع الله عز و جل لهم يوم القيامة منابر من نورٍ, يخاف الناس و لا يخافون, هم أولياء الله عز و جل الذين (لا خوف عليهم و لا هم يحزنون)
انقطعت النبّوة و الخير لم ينقطع عن أمة هي خاتمة الأمم ...
انقطعت الخيرة من أمر الشهادة فليس لأحدٍ أن يختار ختامه من الدنيا بميتة الشهداء أو لا يدرك مكانها أو زمانها أو منْ يملك زمامها ... و الخير لم و لن ينقطع عن أمة هي خير أمة أخرجت للناس ..
فإن لم يختارك الله لرسالته و لم يوفّقك لنيل الملحمة فاختر أن تكون ذاك العبد المغبوط ...
فكنْ وليّا يغبطك الأنبياء و الشهداء فأساله سبحانه في علاه أن يبلغنا منازل أوليائه.
و الغبطة هي تمنّي نعمةٍ ما دون زوالها عن زيدٍ أو عمرو من النّاس و بشقّها الأول توافق الحسد و تخالفه بعدم زوالها ... توافقه في تمنّي النعمة و تخالفه في زوالها ...
و الحسد داءٌ عضال لم يسلم منه كائنا من كان فإن سلمت من حسد الناس على النعم الله عليهم فلنْ تسلم من أن يقع عليك حسدهم ...
و لذا كان من الحكمة بمكانٍ أن يكتم الانسان بعضاً من نعم الله عليه و لا يحدّث بها الاّ عالما ناصحا وليّا زاهدا ...
و كما في الحديث أنّ الأنبياء و الشهداء يغبطون من كان وليّا لله تعالى لقربه من رافع السماء بغير عمدٍ و لا يعني ذا انّهم هم البعيدون عنه سبحانه و تعالى بل الذي أراه أنهم يغبطون الوليّ لنيله قرباً من الله تعالى دون أن ينال في الدنيا مرتبة الأنبياء و لا الشهداء ...
فهنيئا لك يا وليٌ ... غبطة الأنبياء و الشهداء ...
و الفرق بين الوليّ و النبيّ أن الأول اختار الولاية بنفسه بينما الآخر اختار الله تعالى له مرتبة الانبياء و الرسل و لذا كانت الغبطة ...
و لا يظنّ ظان أن الوليّ اعلى مزلة من النبيّ فضلاً عن الرسول فهذا الأخير يكفيه أنه أختاره قيّوم السموات و الأرض كقوله تعالى في شأن موسى عليه السلام (أني اصطفيتك على الناس ... ) الاية
و من أختاره الله تعالى فقد اجتاز القنطرة ...
و الوليّ و النبيّ كلٌ يعمل تحت مشيئة الله تعالى (و ما تشاؤون الاّ أن يشاء الله) الأية
ثم ذا الحديث يحثّني على ذكر قاعدة عظيمة لم تر عيني منْ دوّن مثلها للحد بين عقاب الله تعالى و حبّ الله تعالى لمنْ نزل به البلاء ...
قال تعالى (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا و هم لا يفتنون) (و لقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمنّ الله الذي صدقوا و ليعلمنّ الكاذبين) الأيات
و قال تعالى (فأهلكناهم بذنوبهم ... ) الاية
و قال صلى الله عليه و سلم (اذا أحب الله عبدا ابتلاه) كما صح عنه أنه قال (أشدّ الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل .. ) أو كما قال
و فيصل هذا و معرفة ما نزل بالعبد أهو عقوبة أوحبا و رفعة و حبّا من الله تعالى ...
أن ينظر المصاب أثناء مصيبته أكان من الصابرين او المتسخطين فالأول دليل على أن ما نزل به هو رفعة وعلوّ منزلة بينما الثاني دليل على سخط الله عليه و في ذا يقول صلى الله عليه و سلم (إن أمر المؤمن عجبا و ليس ذلك الا للمؤمن. ان اصابته ضراء صبر فكان خيرا له و ان اصابته سراء شكر فكان خيرا له .. ) أو كما قال
فمن صبر فهو مؤمن و من لم يصبر فقد فارق الايمان بقدر عدم صبره ...
و قس على هذا قضية الاستدراج و عطاء الله تعالى لان البلاء يكون بالخير كما هو بالشر قال تعالى (و لنبلونكم بالشر و الخير ... ) الأية
فان رأيت عطاء الله تعالى على عبدٍ ما فانظر اليه و حاله مع ذا العطاء فإن كان ممن يشكر الله تعالى بلسانه و جوارحه فاعلم انّ الله تعالى عناه بقوله (و لئن شكرتم لأزيدنّكم ... ) الأية
¥