بينما إن رأيته في مكانٍ و الشكر في مكانٍ آخر فاعلم أنّ مثله كمثل قوله تعالى (فلما نسوا ما ذكّروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى اذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فاذا هم مبلسون)
و هذا بابٌ عظيم فعضّ عليه بالنواجذ ...
و من ادّعى الولاية و رأيته يطير في الهواء أو يمشي في النار فانظر اليه عند حدود الله تعالى فإن كان وقّافا عندها فهو على طريق الولاية و إن رأيته ممنّ يحبّ لله تعالى و يبغض فيه فهو على طريق الولاية و إن كام ممنّ يتقربون الى الله تعالى بالنوافل فضلا عن الفرائض و يشكرون الله في السراء و الضراء و كذلك يصبرون و لا يسمعون الاّ ما يرضي الله تعالى و كذلك يمشون و يبطشون و ان اقسم على الله لأبرّه فاعلم أنه وليّ لله تعالى رغم أنفه ابليس ...
و ان يكن غير ما ذكرنا فهو وليّ للشيطان قولاً واحداً ...
و عندما أدرك الأعرابي مكانة منْ يغبطه الانبياء و الشهداء فجثا على ركبتيه سائلا عن أوصافهم فكانت الغبطة منه ....
هم من أفناء الناس و نزّاع القبائل اي ليسوا بجماعة معلومة و إنما من أخلاط الناس لكنهم تصادقوا في الله تعالى و تحابوا فيه ...
هما صفتان لا ثالث لهما .. الصدق و الحبّ و فيهما ينجو العبد ...
فمن صدق مع الله تعالى أقام شرعه حباً له و طمعاً و صدق مع خلقه و كان بمثابة الصادق فليهنأ بنعيم الله تعالى ...
و الصدق و الحب صنفان متلازمان فمنْ أحب شيئا صدق معه, و الاّ فحبّه مردود عليه ....
فمنْ أحبّ الله تعالى فلا يسعه الاّ أن يمتثل أوامره و يصدق مع ربّه في امتثاله ذا ..
فالحبّ يتكون في القلب و يتفرع حتى يشمل الجوارج فلا حبّ من دون سجود و قيام و لا حبّ من دون زكاة و صيام و هكذا ...
و مقام الترك كمقام الفعل فالدين كله فعلٌ و تركٌ ...
ثمّ هذا الحبّ يبدأ بالله تعالى و يُبنى عليه فيما دونه, و لذا كانت مقولة من أحبّ زيداً أن يصارحه (انّي أحبّك في الله).
و المؤمن بله الوليّ لا يحبّ عباد الله الاّ بقدر حبّهم لله تعالى و قربهم منه ... فأقربهم قرباً أعظهم حبّاً ...
و هذا هو الحبّ الخالص جعلنا الله و اياكم من أبنائه و أنصاره اقصد الحب الخالص و لا يفوتني أن اذّكر و الذكرى نافعة لصنف من الناس أن ممّا نشاهده من الحبّ خلف قضبان الشبكة العنكبوتية و أقصد الحبّ النقيّ الذي يصلح أن نردف عقبه (في الله و لأجل الله)
هو من أبعد أصناف الحبّ عن الشرك ... بمعنى أن المحبّ لزيدٍ من الناس و لا صلة بينهما إذ بينهما مفاوز اللهمّ إن كان يرجو منصباً أو ذكراً أو ما شابه, و كلما اقترب الشخص من المحبّ اقتراباً جسدياً كلما احتمال الشرك كان اعظا و هذه قاعدة عظيمة قلّما تجد منْ ينبّه عليها ...
و ختاماً أسال الله في علاه أن يختم لنا بعملٍ صالحٍ يحبّه و يرضاه ... ً