[جمع جمع الصلاة للازدحام الشديد على الطرقات]
ـ[ابن أبي عبدالتسميني]ــــــــ[12 - 10 - 08, 05:57 ص]ـ
السلام عليكم
هل قال أحد من علمائنا بجواز جمع الصلاة في الحضر للازدحام الشديد على الطرقات؟
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[12 - 10 - 08, 09:02 ص]ـ
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
قوله: «ويصح الفرض على الراحلة» يعني: البعير أو الحمار أو الفرس أو نحو ذلك.
قوله: «خشية التأذي» أطلق المؤلف فيعم التأذي بأي شيء سواء بوحل أو مطر أو غير ذلك، فالمهم أنه يتأذى لو صلّى على الأرض ولا يستقر في صلاته فله أن يصلّي على الراحلة، وقيد المؤلف الصلاة بكونها فرضاً، لأن النفل على الراحلة جائز، سواء خشي التأذي أم لم يخش؛ لأنه ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أنه كان يصلي النافلة على راحلته حيثما توجهت به» (2).
وقوله: «يصح الفرض على الراحلة خشية التأذي» لم يذكر المؤلف شيئاً عن استقبال القبلة، وعن الركوع وعن السجود، فنقول: يجب أن يستقبل القبلة في جميع الصلاة؛ لأنه قادر عليه إذ يمكنه أن يتوقف في السير ويوجه الراحلة إلى القبلة ويصلِّي.
أما الركوع والسجود فيومئ بالركوع والسجود، لأنه لا يستطيع، والقيام أولى، هذا على الرواحل التي يعرفها العلماء رحمهم الله، وهي الإِبل والحمير والخيل والبغال وشبهها، لكن الراحلة اليوم تختلف فالراحلة اليوم سيارات، وبعض السيارات كالسفن يستطيع الإِنسان أن يصلي فيها قائماً راكعاً ساجداً متجهاً إلى القبلة، فهل يقال: إنه لا يصلّي على هذه الرواحل إلا بشرط التأذي بالنزول؟ أو نقول إذا أمكنه أن يأتي بالواجب فيها فله أن يصلي؟
الجواب: الثاني، لو كانت السيارة أتوبيساً كبيراً، وفيها مكان واسع للصلاة والإِنسان يستطيع أن يصلِّي قائماً راكعاً ساجداً مستقبل القبلة، فلا حرج عليه أن يصلّي؛ لأن هذه السيارات كالسفينة تماماً، لكن الغالب أنها صغار، أو نقل جماعي كله كراسي، لكن إن أمكن فهو كغيره، وفي الطائرات إذا كان يمكنه أن يصلّي قائماً وجب أن يصلّي إلى القبلة قائماً ويركع ويسجد إلى القبلة، وإذا لم يمكنه فإن كانت الطائرة تصل إلى المطار قبل خروج الوقت فإنه ينتظر حتى ينزل إلى الأرض، فإن كان لا يمكن أن تصل إلى المطار قبل خروج الوقت، فإن كانت هذه الصلاة مما تجمع إلى ما بعدها كالظهر مع العصر أو المغرب مع العشاء، فإنه ينتظر حتى يهبط على الأرض فيصلّيهما جمع تأخير، وإذا كانت الصلاة لا تجمع لما بعدها صلّى على الطائرة على حسب حاله، ولكن إذا قدرنا أن الطائرة فيها مكان متسع يتسع للإِنسان ليصلِّي قائماً راكعاً ساجداً مستقبل القبلة، فهل يجوز أن يصلِّي الصلاة قبل أن يهبط إلى المطار؟
فالجواب: يجوز، وظن بعض الناس أن ذلك لا يجوز، وقالوا: لأن الفقهاء قالوا: لا تصح الصلاة على الأرجوحة؛ لأنها غير مستقرة، والدليل على أنها غير مستقرة، أنك لو سجدت رجّحت من جانبك، وإذا قمت اعتدلت من الجانب الآخر، قالوا: فالطائرة مثلها فلا تصح الصلاة عليها، ولو تمكن الإِنسان من الركوع والسجود والقيام والقعود واستقبال القبلة، ولكن هذا ليس بصحيح، لأن الفرق بين الأرجوحة والطائرة ظاهر جداً؛ فالطائرة مستقرة تماماً، فالإِنسان يأكل فيها ويشرب وينام ولا يتحرك إذا لم يكن هناك عواصف، ولهذا نرى أن الصلاة على الطائرة صحيحة مطلقاً، ولو كان ذلك مع سعة الوقت، ولكن يجب أن يفعل الواجبات من الاستقبال، والسجود، والقيام، والقعود.
فالرواحل أقسامها أربعة:
1 ـ سيارات.
2 ـ حيوان.
3 ـ طائرات.
4 ـ سفن.
واستدلَّ في «الرَّوض» بقول يعلى بن مُرَّةَ: أنَّهم كانوا مع النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم في سَفَر، فانتهوا إلى مَضِيقٍ، فحضرتِ الصَّلاةُ، فَمُطِرُوا، السَّماءُ من فَوقِهِم، والبِلَّةُ من أسفلَ منهم، فأذَّنَ رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم وهو على راحلتِه، وأقامَ، فتقدَّمَ على راحلتِه فصلَّى بهم، يُومِئُ إيماءً، يجعلُ السجودَ أخفضَ من الركوعِ.
رواه أحمد والترمذي (3) وقال: العمل عليه عند أهل العلم.
وفي هذا الحديث أنهم يصلّون جماعة، وعلى هذا فيتقدم الإِمام عليهم حتى في الرواحل؛ لأن هذا هو السنّة في موقف الإِمام.
قال في «الروض»: «وكذا إن خاف انقطاعاً عن رفقة في نزوله، أو على نفسه، أو عجزاً عن ركوب إن نزل وعليه الاستقبال وما يقدر عليه».
أي: إذا خاف انقطاعاً عن رفقته يصلِّي على الراحلة ولو مع الأمن، لأن الإِنسان إذا انقطع عن رفقته فلربما يضيع، وربما يحصُل له مرض أو نوم أو ما أشبه ذلك فيتضرر، فإذا قال: إن نزلت على الأرض وبركت البعير وصليت فاتت الرفقة، وعجزت عن اللحاق بهم، وإن صلّيت على بعيري فإني أدركهم نقول له: صلِّ على البعير {{لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}} [البقرة: 286] {{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}} [الحج: 78]. الشرح الممتع (4/ 343)
¥