ـ[خضر بن سند]ــــــــ[16 - 10 - 08, 01:00 ص]ـ
جزاك الله خيراً يا شيخ ابراهيم.
وهذا المقال يؤكد أن دعوة الأنبياء تحتاج لزيادة إهتمام بتتبع طريقة حياتهم ومنهجهم في الدعوة ...
ولازلنا في انتظار الجزء الثاني ...
ـ[إبراهيم بن محمد الحقيل]ــــــــ[18 - 10 - 08, 10:26 م]ـ
جزاك الله تعالى خيرا أخي خضر بن سند على مرورك وتعليقك، وسينزل الجزء الثاني من المقال قريبا بإذن الله تعالى.
ـ[إبراهيم بن محمد الحقيل]ــــــــ[21 - 10 - 08, 06:37 ص]ـ
[احتساب الأنبياء عليهم السلام]
(2 - 2)
إبراهيم بن محمد الحقيل
أعمار الأنبياء كلها احتساب:
قضى الرسل عليهم السلام أعمارهم كلها -منذ أن بعثهم الله تعالى، وأوحى إليهم إلى أن لقوا الله تعالى- في وظيفة الاحتساب والإصلاح، ومقاومة الفساد والإفساد، حتى مكث نوح عليه السلام محتسبا على قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، ولما أهلك الله تعالى المكذبين مكث محتسبا على المؤمنين ما شاء الله تعالى.
فليعلم من احتسب على الناس مرة أو مرتين، أو سنة أو سنتين ثم كف عن ذلك أن الرسل عليهم السلام ما توقفوا عن الاحتساب على الناس حتى فارقوا الدنيا.
ولقي الرسل عليهم السلام في سبيل احتسابهم أنواع الصدود والأذى؛ فنوح عليه السلام سخر منه قومه، ونبذوا أتباعه، وإبراهيم عليه السلام أُلقي في النار، ورمي هود عليه السلام بالجنون، واتهم موسى عليه السلام بالسحر، وطارده فرعون وجنده، وكاد شعيب عليه السلام أن يرجم لولا منعة رهطه، وقتل زكريا ويحيى عليهما السلام، وطورد الرسل وأتباعهم بسبب احتسابهم على أقوامهم، فتلك سنة الله تعالى في المحتسبين أن ينالهم من الأذى على أيدي المفسدين والمستكبرين ما ينالهم.
ومن عادة المستكبرين والمفسدين محاولة إغراء المحتسبين بدنيا يبذلونها لهم مقابل إيقاف احتسابهم عليهم، وإخراس أصواتهم، وشراء أقلامهم، وما كان الرسل عليهم السلام ليقبلوا المساومة في دينهم، ولا تركوا الاحتساب لكمال دنياهم بنقص دينهم، وكان سليمان بن داود عليهما السلام قدوة للمحتسبين في ذلك؛ إذ رفض مصانعة ملكة سبأ له بالهدية مقابل الكف عن الاحتساب عليها وقومها [فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آَتَانِيَ اللهُ خَيْرٌ مِمَّا آَتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ * ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ] {النمل:36 - 37}.
رفض الحسبة هو مسلك المشركين:
الرسل عليهم السلام جاءوا أقوامهم بمالم يعهدوا، ونهوهم عما تعودوا؛ ولذا أنكر المشركون ما جاءتهم به رسلهم، وقال قائلهم [أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا] {الأعراف:70} وأخبر الله تعالى عنهم أنهم قدَّموا ما توارثوه عن آبائهم على ما جاءتهم به رسلهم [وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا] {المائدة:104}.
ومع ذلك فإن الظاهر من أحوال المشركين في كل الأمم السالفة أنهم ما رفضوا تنسك الأنبياء وتعبدهم، ولا أنكروا عليهم عدم مشاركتهم في شركهم، ولا ألزموهم بعبادة أصنامهم، وإنما أنكروا عليهم أمرهم بالمعروف الذي رأسه توحيد الله تعالى، ونهيهم عن المنكر الذي غايته شركهم بالله تعالى؛ مما يدل على أن ما يسمى في العصر الحاضر بالحرية الدينية أو الفكرية أو الشخصية كان موجودا عند المشركين، وهذا ما لا يفهمه كثير من الناس فيستغربونه وقد ينكرونه.
إن الرسل عليهم السلام ما نزلوا من السماء، ولا جاءوا إلى الأرض من غيرها، ولا نزحوا إلى قبائلهم من خارجها، بل هم من صليبة أقوامهم: ولدوا فيهم، وعاشوا بينهم، حتى أرسلهم الله تعالى إليهم، وقبل بعثهم أنبياء كانوا يرون أقوامهم على الشرك، وما كانت الرسل لتشرك بالله تعالى شيئا فقد عصمهم الله تعالى من الشرك قبل بعثتهم وبعدها، ولو قُدِّر وقوعُ الشرك منهم لاحتج به المشركون عليهم لما دعتهم رسلهم إلى التوحيد، ولقالوا لهم: أتنهونا أن نعبد ما كنتم تعبدون معنا؟ ولما احتاج المشركون إلى إحالتهم على ما كان يعبد الآباء.
¥