من يحيى العدل .. للأخ الفاضل (محمد العماري) .. سلام عليك أما بعد .. فالرجل معروف لدينا .. وقد حللت عليه ضيفًا منذ سنوات .. فأنعم وأكرم.
وله اهتمام بأسانيد المتأخرين .. مع معرفة وفهم. بارك الله فيه ونفع به.
ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[02 - 03 - 03, 04:07 م]ـ
تذكيرا للمشاركين في الإفادة .. جزاهم الله خيرا وبارك في أوقاتهم وعلمهم.
ـ[يحيى العدل]ــــــــ[04 - 03 - 03, 05:19 م]ـ
(12) ـ أهمية الإسناد وطلب العلو فيه:
إن علم الرواية والإسناد من العلوم الشرعية التي اهتم بها سلف الأمة .. قدر اهتمامهم بعلوم الدراية في باقي العلوم ..
ومن فوائد هذا العلم: معرفة المتواتر والآحاد، والعالي والنازل من الأسانيد، ومعرفة الوارث والموروث لنوعية العلم المنقول إلينا من علوم هذا الدين الحنيف.
والأصل في هذا العلم الكتاب والسنة وإجماع الأمة.
قال (تعالى): {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالمٌ لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابقٌ بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير} [فطر: 32].
وقال (صلى الله عليه وسلم): "إنِّ العُلماء هم ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يُورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنَّما ورَّثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظٍ وافرٍ". أخرجه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والدارمي، وابن حبان، والبغوي، والبيهقي، والبزار.
وقال (صلى الله عليه وسلم): "تسمعون ويُسمع منكم ويُسمع ممن سمع منكم". أخرجه أحمد، وأبو داود، وابن حبان، والحاكم، والخطيب، والبيهقي، والبزار، والطبراني.
وقال سفيان الثوري: "الإسناد سلاح المؤمن". (المجروحين لابن حبان).
وقال ابن المبارك: "الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء" (1).
وقال أيضًا: "مثل الذي يطلب أمر دينه بلا إسناد كمثل الذي يرتقي السطح بلا سلم" (2).
وقال محمد بن حاتم: "إن الله أكر هذه الأمة وشرفها وفضلها بالإسناد، وليس ذلك لأمة من الأمم كلها قديمها وحديثها" (3).
وقال الحاكم: "فإن الأخبار إذا تعرت عن وجود الأسانيد فيها كانت بتراء". (معرفة علوم الحديث ص6).
وقال ابن تيمية: "الإسناد من خصائص هذه الأمة، وهو من خصائص الإسلام، ثم هو في الإسلام من خصائص أهل السنة". (منهاج السنة 7/ 37).
وقال قائل:
من يأخذ العلم عن شيخٍ مشافهةً ... يكن عن الزيغ والتصحيف في حرم
ومن يكن آخذًا للعلم من كتبٍ ... فعلمُه عند أهل العلم كالعدم
وكان السلف (رضي الله عنهم) لا يقف بهم الأمر عند طلب الإسناد، بل كانوا يرحلون ويضربون أكباد الإبل في طلب علو أسانيدهم؛ لأنهم يعلمون أن علو الإسناد قربة إلى الله (تعالى) ورسوله (صلى الله عليه وسلم).
قال الإمام أحمد: "الإسناد العلي سنة عمن سلف" (4).
وقال أيضًا: "طلب علو الإسناد من الدين" (5).
وقال الإمام ابن الجزري في (النشر) (6): "وإنما ذكرت هذه الطرق وإن كنت خرجت عن مقصود الكتاب ليُعلم مقدار علو الإسناد وأنه كما قال يحيى بن معين (رحمه الله): "الإسناد العالي قربة إلى الله (تعالى) وإلى رسول ه (صلى الله عليه وسلم).
وروينا عنه أنه قيل له في مرض موته: " ما تشتهي؟ فقال: بيت خال وإسناد عال".
ثم قال أيضًا: " ولهذا قال العلماء إن الإسناد خصيصة لهذه الأمة وسنة بالغة من السنن المؤكدة، وطلب العلو فيه سنة مرغوب فيها. ولهذا لم يكن لأمة من الأمم أن تستند عن نبيها إسنادًا متصلاً غير هذه الأمة". اهـ.
فلهذا كان طلب الإسناد في القرآن الكريم أو الحديث من أهم المهمات وأسنى القربات، والعمل به مشهور بين السلف الصالحين أئمة القراءات والمحدثين، وكانت الإجازة الموثقة من حيث التحمل والأداء بمثابة الصك من الشيخ إلى تلميذه في نصيبه من العلم الذي ورثه عن شيخه.
وقد يرى البعض أن الإسناد في الحديث من الممكن أن يتوقف عند أئمة الحديث مثل البخاري ومسلم ويُعتبر الآن من باب الوجادة، وهذا طريق من طرق التحمل في الحديث.
فنقول: إن صح هذا في الحديث فلا يصح في القرآن الكريم الذي يُشترط فيه التلقي والأخذ مشافهة عن المؤدي، فالأصل في القرآن الكريم التنقل من الصدور إلى الصدور؛ لا من السطور إلى الصدور.
والإسناد ركن من أركان القراءات الصحيحة للقرآن الكريم.
قال الإمام ابن الجزري: " وإذا كان صحة السند من أركان القراءة تعين أن يُعرف حال رجال القراءات كما يُعرف أحوال رجال الحديث" اهـ.
لذا كان الإسناد في القرآن الكريم باقيًا إلى أن يرفعه الله (تعالى) من صدور العباد، وكانت الإجازة فيه أمرًا مطلوبًا عند أهل المعرفة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مقدمة صحيح مسلم (ص6)، المجروحين (ص6).
(2) شرف أصحاب الحديث (ص42).
(3) شرف أصحاب الحديث (ص40).
(4) معرفة علوم الحديث للحاكم (ص6).
(5) شرح علل الترمذي (1/ 360).
(6) النشر في القراءات العشر (1/ 197).
وللحديث صلة إن شاء الله.
¥