وصدق شتاينبروك، فما هي إلاَّ حفنة من الأنجلوساكسونيين الممتلئين جشعا، والمتحالفين مع زمرة صهاينة أشد جشعا منهم، ملاّك شركات عملاقة، سيطروا على أكبرقوة عسكرية في التاريخ، وقد استحوذ عليهم شيطان الربا، واستولى عليهم الطمع بثروات العالم، حتى استهانوا بدماء الشعوب، وأبادوا البشر، فأورثوا قومهم دار البوار، وأدخلوا العالم في فساد، ودمار.
في مقال كتبته قبل سنوات ـ مع بداية إحتلال أمريكا للعراق ـ بعنوان (صدق لاروش، وكذب بوش)، قلت فيه ما يلي:
"لولا هيبة أن أقول بغير علم، لجزمت أن حديث: «يوشك أن يغلب على الدنيا لكع بن لكع» [خرجه أحمد موقوفا، والطحاوي في مشكل الآثار مرفوعا عن بعض الأًصحاب]، أنَّ هذا اللكع هو بوش بعينه، لايعدوه الوصف قيد أنملة.
ودعوني استشهد بأقوال رجل ماوجدت أصدق لهجة منه في القوم الأمريكانيين، وهو المرشح الديمقراطي للرئاسة "ليندون لاروش"، وسأعرّف القراء به بذكر نبذة عنه، ثم أنقل كلاما مهمّا مما قاله، يبين الخلفية السياسية التي سبقت مجيء بوش وعصابته محتلين الخليج والعراق عسكريا:
ليندن لاروش: هو أحد كبار المفكرين السياسيين والاقتصاديين، وأكثرهم إثارة للجدل في الحياة السياسية في أمريكا، وهو مرشح ديمقراطي للرئاسة الأمريكية لعام 2004م، وكان رائد فكرة استراتيجية الدفاع المشترك ( Sid) التي سميت فيما بعد بحرب النجوم.
وكان الوحيد الذي يطالب برفع الحصار عن العراق قبل الاحتلال الصليبي لها، ومن آراءه توقعه انهيار النظام الإقتصادي العالمي خلال فترة قصيرة جدا، إذا لم يتم عكس السياسات الراهنة، والقضاء على جميع أنواع الربا، والمضاربات على العملات، والأوراق المالية التي حولت الاقتصاد العالمي إلى نادي قمار، وأصبحت كالسرطان تعيش على الاقتصاد الحقيقي.
ويشدد لاروش في حملته الانتخابية على أن النظام المالي العالمي وخاصة في الغرب، قد دخل في مرحلة الإفلاس الفعلي بسبب فك الارتباط كليا مابين الاقتصاد الفعلي المتمثل بإنتاج واستهلاك السلع والخدمات، وبين الأوراق المالية المتبادلة في الأسواق العالمية، ويقول: "إن كمية النقد المتبادل في أسواق الصرف، أكبر من كميات إجمالي الناتج المحلي لجميع أمم الأرض بمئات المرات، وهذا يحتم إدخال النظام المالي العالمي، في إجراءات إفلاس قريبة".
ولا يرى لاروش في مصلحة الشعب الأمريكي أو الأوربي تدميرأفريقيا، أو آسيا، أو أمريكا اللاتينية ـ كما تفعل أمريكا ـ بل المستفيد الوحيد هم مجموعة بنوك، ومؤسسات مالية سياسية.
ويكنُّ كيسنجر وسائر الصهاينة في دوائرالسياسة الأمريكية للاروش عداء شخصيا، خاصة كيسنجر، وأطلق عليه حملة صهيونية لتشويه سمعته بالتعاون مع ألـ Fbi أدت إلى إدخاله السجن لمدة خمس سنين، كاد أن يموت بسبب عمره ـ 70سنة ـ وخرج عام 1994م.
ثم قلت في المقال:
وحدد لاروش المصدر الجذري للمشكلة الأخلاقية، والسياسية، باعتبارها الانهيار الاقتصادي العالمي، وما رافقه من تحول المجتمع الأمريكي من مجتمع منتج إلى مجتمع "استهلاكي" طفيلي، وعرض المثلث البياني الذي كان قد عرضه لأول مرة عام 1995، في مؤتمر في الفاتيكان، وحدد فيه طبيعة ارتفاع حجم المضاربات المالية، وكمية النقد المتداول في النظام المالي العالمي، دون أن يرافقه أي نمو في الإنتاج المادي الفعلي للاقتصاد" انتهى المقال.
وها نحن اليوم نشهد ـ وهذا من بركات رمضان ـ بداية الإنهيار الإقتصادي الأمريكي الذي وصل إلى درجة أن يطلق محافظ البنك المركزي الأمريكي صيحة إنذار (الموت والهلاك).
ولا ريب أن سبب ما أصاب هذه الدولة الأمريكية المارقة، من هذا الدمار الإقتصادي الهائل، إلى جانب جشعها الربوي العالمي الذي وعد الله تعالى بمحقه، فمحقه، هو طغيانها العظيم، والذي بلغ أن تسلَّطت على لقيمات الفقراء في البلاد الفقيرة فأخرجتها من أفواه اليتامى، والمساكين، وجرَّدتهم من كلِّ صدقة تأتيهم من الدول الإسلامية، تحت كذبة (الحرب على الإرهاب)، بينما هي أعظم قوة باغية ترهب العالم بغير حقِّ.
لقد سعت أمريكا لتجمِّد كلَّ مال ينفق في سبيل الله تعالى، فجمَّد الله تعالى أموالها، ودأبت على إغلاق الجمعيات الخيرية الإسلامية، وملاحقة المتصدِّقين، فأغلق الله تعالى عليها أبواب الرزق، وقامت ببطرها، وأشرها، تصد عن سبيل الله تعالى، فصدَّ الله تعالى عنها سبل الخير.
وجاءت بعد أن عاثت بثروات العالم، وأسواقها، لتسرق ثروات أمة المسلمين بإحتلال العراق، وأفغانستان، فعاد عليها سعيها ضلالاً، ومكرها وبالاً.
وها نحن نشهد في هذه العشر الأواخر من رمضان، في هذه الأيام المباركة، نشهد ثالث إشارة لبداية أفول الهيمنة الأمريكية، فالأولى كانت بإحتلال العراق، والثانية كانت بتدخلها في جورجيا، والثالثة بإنهيار إقتصادها الذي نشهده هذه الأيام.
وقد قال الحق سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} [سورة الأنفال: 36].
وسبحان الله القائل العلي العظيم: {وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنكِرُونَ} [سورة غافر: 81].
والحمد لله الذي بيده الأمر كلُّه،
وإليه يرجع الأمر كلُّه،
ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء،
وهو العزيز الحكيم.
¥