وكان المنصرون في مؤتمرات (حوار الأديان) ينتزعون اعترافاً من (علماء) المسلمين بشرعية النصرانية، يسوقون هذا الاعتراف في بلادهم .. يخاطبون به قومهم يقولون لهم هؤلاء (علماء) المسلمين يعترفون بأن ديننا دين قويم، فلا حرج على معتنقي النصرانية، فهم (مؤمنون بالله)، ويسوقون اعتراف (علماء) المسلمين المتحاورين بين الجاهلين والخائفين المستهدفين بحملات التنصير. وقد حدث من ذلك بلاء عظيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وجاء الأقباط فنزعوا درعهم، وأنزلوا نقابهم، ورفعوا صليبهم، وأَمَّروا حاقدهم، واستشاروا سفيههم وعمدوا إلى أفضل ما عندنا رسول ربنا صلى الله عليه وسلم، وقرآن ربنا، وراحوا يهزئون ويسخرون من الحبيب صلى الله عليه وسلم.
ودارت رحاها على الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعلى القرآن العظيم.
يومٌ كيوم حنين، أعدَّ الأقباط العدة بليلٍ، ثم خرجوا على الناس في عدد من الفضائيات، ومئات من مواقع الانترنت، وعشرات الغرف البالتوكية وملايين النسخ من المطبوعات المكتوبة والمسموعة والمرئية.
أين التحولات التاريخية في أفعال الشرذمة القبطية؟
التحولات التاريخية تكمن في أمورٍ أربع رئيسية:
الأول: إحداث مواجهة مباشرة بين الإسلام والنصرانية؛ إذ أن هذه الشرذمة القبطية تقدم الكتاب (المقدس) كبديل للقرآن الكريم، ويقفون كالأقزام سودِ الوجوه أمام الجبل الأشم .. رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ـ يقولون ليس بنبي، وهو نبي وإن كذبوه صلى الله عليه وسلم.
الثاني: استحضار العامة للصراع، ومن المسلمات العقلية عند من يعملون لإيجاد تغيرات في حياة الناس، أن العامة لا تدخل مراحل الصراع الأولى، وإنما تأتي في مراحل الحسم الأخيرة، فالعامة لا تسابق وإنما هي ميدان للسباق، وإن دخلت العامة في مراحل الصراع الأولى فدخولٌ مؤقتٌ للتحريك أو الضغط والتمرير، وقد أخطأ الأقباط حين تكلموا للعوام.
الثالث: استعمال الكذب طريقاً للدعوة إلى باطلهم، واستعمال الكذب طريقاً للحديث عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ خصوصاً والشريعة عموماً.
الرابع: عالمية الخطاب القبطي، إذ أن فضائيات الأقباط المثيرة للجدل، تترجم بعض برامجها، وتستهدف مساحة واسعة جداً من العالم الإسلامي. وزاد من هذا الانتشار أن الصراع في العالم الإسلامي بعد فشل العلمانية بدأ يتجدد على خلفيات دينية.
كيف الإفادة من هذه المستجدات؟
عقيدة النصارى ليست بشيء، ولم تنتشر النصرانية يوماً بالدعوة، بل بقوة السلطان، ولم تمسك رعاياه إلا بالحجب ثم الكذب والتدليس، فهي عقيدة تكررت خمسة عشرة مرة من .. وهي ذات العقيدة التي كانت عند الفراعنة والبوذيين وغيرهم، وعقيدتهم لا تؤخذ من كتابهم، وكتابهم لا يُعرف كاتبه جملة بل وتفصيلاً، وكتابهم أخذ (القداسة) من البشر، وكتابهم ينطق بأنه من أقوال البغايا والسفهاء، وكتابهم يحذره السفيه على نسائه وأطفاله، وهم مختلفون في كل شيء ... اختلاف تضاد لا تنوع ... فكيف لو أظهرنا هذا للناس؟ ... تراهم يستمسكون به؟؟ ... إلا عناداً واستكباراً.
وعامة الناس لا تعاند في الغالب، وإنما تتبع أو تنهزم وتنكبت، ثم تتبع حين تصير الغلبة للإسلام وأهله، فهي الآن فرصة سانحة لدعوة النصارى ودعوة المسلمين المفرطين في دينهم.
أقول: خرجت النصرانية سافرة حاسرة، وهي سوداء عرجاء عمياء .. دميمة بذيئة .. لا حسب ولا نسب، فواجب على أولي النهى أن يعرفوا الناس بها قبل أن تعود إلى موائد الحوار ثانية وتتجمل ... فهل من مشمر؟
وكبرى الفوائد في هذه الجعجعة المنتشرة توحيد صفوف الصحوة، أو الإفادة من قواها، إذ أن الملاحظ الآن أن هناك تكتلات تتكون لبدء مرحلة من الصراع الفكري الداخلي (جامية)، (سرورية)، (وسطية)، (ليبرالية إسلامية) .. الخ، واتخاذ النصارى هدف من شأنه أن يفك هذا الاشتباك ... كجَّدِّ السير يوم بني المصطلق كي لا يتكلم الناس فيما افتراه المنافقون ... إن وجود هدف بعيد مشترك لكل التوجهات الناشئة على الساحة الدعوية من شأنه أن يوفر الجهد ويجمع الشمل.
¥