تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والغرض من هذه النظرة الحط من شأن الرسالة الخاتمة، والتشكيك في سماويتها، من خلال إظهار أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأت بجديد فيما يتعلق بقضايا الغيب والإيمان، وإنما هي أمور وعبادات وأفكار كانت موجودة أصلاً.

نجد ذلك ظاهراً في الموسوعات الاستشراقية التي وُضِعت للتعريف بالإسلام وعلومه ورجاله، ومنها الموسوعة المعروفة باسم "دائرة المعارف الإسلامية" والتي شارك في إعدادها نخبة من كبار المستشرقين.

فنجد على سبيل المثال مما له تعلق بموضوع البحث، ما جاء في مادة " تميم الداري، حيث يقول المستشرق الإيطالي " ليفي دلافيدا ": " ... وكان تميم نصرانياً كغالب عرب الشام فاستطاع أن يخبر النبي بتفاصيل العبادات التي استعارها من النصارى ...... ويقال: إنَّ تميماً كان أوّل من روى القصص الديني ..... وقد أخبر بها تميم النبي فأخذ بروايته وأذاعها في الناس " اهـ.

وجاء بعض من قل نصيبه من العلم ممن مشى في ركاب المستشرقين، فتلقوا هذا الكلام على أنه من المسلّمات، وشككوا في أحاديث صحيحة ثابتة مروية في أصح الكتب والمصادر، بحجة دس أهل الكتاب لها، وقد بينا في بحث سابق يتعلق بالإسرائيليات والحديث النبوي، الموقف الشرعي من هذه الأخبار، وأننا لا ننكر دخول كثير منها في التفسير والحديث، وهي أخبار وقصص معروفة سبرها أهل العلم وكشفوا عنها، ولكن أن تتخذ هذه الدعوى ذريعة لرد الأحاديث الثابتة، ومدخلاً للطعن في دين الإسلام وصحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ممن كان لهم القدم الراسخة في العلم والديانة فهذا ما لا يقبل به مسلم.

وأكثر ما أثير من جدل حول تميم ورواياته حديث الجساسة، وهو حديث أخرجه الإمام مسلم، وروته فاطمة بنت قيس -رضي الله عنها- من فم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو يحدث الناس عن الدجال، كما سمعه من تميم الذي كان نصرانياً ثم جاء فأسلم، وحدث النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- بحديث يوافق ما كان يحدث - صلى الله عليه وسلم- أصحابه عن الدجال وصفته.

وفيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- جلس على المنبر وهو يضحك فقال:

(ليلزم كل إنسان مصلاه، ثم قال: أتدرون لم جمعتكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة، ولكن جمعتكم لأن تميماً الداري كان رجلا نصرانيا فجاء فبايع وأسلم، وحدثني حديثاً وافق الذي كنت أحدثكم عن مسيح الدجال، حدثني أنه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلاً من لخم وجذام، فلعب بهم الموج شهراً في البحر، ثم أرفئوا إلى جزيرة في البحر حتى مغرب الشمس، فجلسوا في أقرب السفينة فدخلوا الجزيرة، فلقيتهم دابة أهلب كثير الشعر، لا يدرون ما قبله من دبره من كثرة الشعر، فقالوا: ويلك ما أنت؟ فقالت: أنا الجساسة، قالوا: وما الجساسة؟ قالت: أيها القوم انطلقوا إلى هذا الرجل في الدير، فإنه إلى خبركم بالأشواق، قال: لما سمت لنا رجلاً فرقنا منها أن تكون شيطانة، قال: فانطلقنا سراعاً حتى دخلنا الدير، فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خَلْقاً، وأشده وثاقاً، مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد، قلنا: ويلك، ما أنت؟ قال: قد قدرتم على خبري، فأخبروني ما أنتم؟ قالوا: نحن أناس من العرب ركبنا في سفينة بحرية، فصادفنا البحر حين اغتلم، فلعب بنا الموج شهراً، ثم أرفأنا إلى جزيرتك هذه، فجلسنا في أقربها، فدخلنا الجزيرة فلقيتنا دابة أهلب كثير الشعر لا يدرى ما قبله من دبره من كثرة الشعر، فقلنا: ويلك ما أنت؟ فقالت: أنا الجساسة، قلنا: وما الجساسة؟ قالت: اعمدوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق، فأقبلنا إليك سراعاً وفزعنا منها، ولم نأمن أن تكون شيطانة، فقال: أخبروني عن نخل بيسان، قلنا: عن أي شأنها تستخبر، قال: أسألكم عن نخلها هل يثمر؟ قلنا له: نعم، قال: أما إنه يوشك أن لا تثمر، قال: أخبروني عن بحيرة الطبرية، قلنا: عن أي شأنها تستخبر، قال: هل فيها ماء؟ قالوا: هي كثيرة الماء، قال: أما إن ماءها يوشك أن يذهب، قال: أخبروني عن عين زغر، قالوا: عن أي شأنها تستخبر، قال: هل في العين ماء، وهل يزرع أهلها بماء العين، قلنا له: نعم، هي كثيرة الماء وأهلها يزرعون من مائها،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير