(1) قلت: قول المؤلف إن فعله صلى الله عليه وسلم كالتفسير لمراده بالنهار في حديث عروة بن مضرس فيه نظر، لان عروة بن مضرس لم يلق النبي صلى الله عليه وسلم إلا بالمزدلفة، وفعله صلى الله عليه وسلم متقدم على ذلك، فلا يصح أن نقدم التفسير على المفسر. ولو قلنا به لكان ذلك خافياً على عروة وهو محتاج إلى البيان وتأخير البيان عن وقت الحاجة لايجوز في حقه صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.
ـ[أبوسليمان السلفي]ــــــــ[30 - 11 - 08, 01:01 م]ـ
حكم المبيت بمزدلفة
اختلف أهل العلم في حكم المبيت بمزدلفة إلى ثلاثة أقوال:
القول الأول:
قال به جمهور أهل العلم كمالك وأبي حنيفة وأحمد والشافعي في المشهور عنه وبه قال جماهير العلماء من السلف والخلف.
قالوا: إنه واجب يجبر بدم.
واستدلوا لذلك بحديث عبدالرحمن بن يعمر الديلي الصحيح وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أدرك عرفة ولو في آخر جزء من ليلة النحر قبل الصبح أنه تم حجه وقضى تفثه).
ومعلوم أنه بهذا يكون قد فاته المبيت بمزدلفه قطعاً بلا شك ومع ذلك فقد صرح النبي صلى الله عليه وسلم هنا بأن حجه تام.
قال الشنقيطي ماحاصله:
والاستدلال بهذا الحديث على هذا الحكم صحيح ودلالته عليه هي المعروفة عند أهل الأصول بدلالة الإشارة وهي من دلالة الالتزام، وضابط دلالة الإشارة هو: أن يساق النص لمعنى مقصود فيلزم من ذلك المعنى المقصود أمر آخر غير مقصود باللفظ لزوماً لا ينفك. واللفظ الآخر الغير مقصود في الحديث المذكور هو عدم ركنية المبيت بمزدلفة.
وحجتهم في أنه واجب يجبر بدم أنه نسك، وفي أثر ابن عباس (من ترك نسكاً فعليه دم)
القول الثاني:
وهو قول خمسة من التابعين وهم علقمة والأسود والشعبي والنخعي والحسن البصري، وهو قول لبعض الشافعية، وهو مذهب ابن عباس والزبير، وقول لداود الظاهري.
قالوا: إن المبيت بمزدلفة ركن لايتم الحج إلا به وإن فاته المبيت بها تحلل من إحرامه بعمرة ثم حج من قابل
واستدلوا على ذلك بأدلة:
1 - قوله تعالى (فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام).
2 - حديث عروة بن مضرس المذكور فيه ((من أدرك معنا هذه الصلاة ... )) فهذا يفهم منه أن من لم يدرك الصلاة معهم لم يتم حجه ولم يقض تفثه، قالوا: وحديث عروة هذا له رواية عند النسائي بلفظ ((من أدرك جمعاً مع الإمام والناس والناس حتى يفيضوا فقد أدرك الحج، ومن لم يدرك جمعاً فلا حج له)). وأجاب الجمهور عن هذا بأجوبة هي:
** - أما الآية فإنها لم تتعرض لمزدلفة والوقوف بها أصلاً، وإنما أمر فيها بذكر الله عند المشعر الحرام، قالوا: وقد أجمعوا كلهم على أن من وقف بمزدلفة ولم يذكر الله عند المشعر الحرام أن حجه تام.
** - أما رواية النسائي بزيادة ((ومن لم يدرك مع الإمام والناس فلم يدرك)) فهي زياده لم تثبت وقد ضعفها ابن حجر وأنكرها العقيلي.
** - وأما رواية أبي يعلى المذكورة فهي ضعيفه كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله.
3 - ومن أدلتهم كذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لتأخذوا عني مناسككم)) ومما فعله المبيت بمزدلفه. وأجاب الجمهور بأنهم لم يخالفوا في أنه نسك ولكن صحة الحج بدونه عُلمت بدليل آخر وهو حديث عبدالرحمن بن الديلي المذكور سابقاً.
القول الثالث:
وهو قول بعض الشافعية وقد اشتهر عنهم ولكن الأول أصح منه، قالوا: إن المبيت بمزدلفة سنة وليس بواجب.
وحجتهم هي أنه مبيت فكان سنة كالمبيت بمنى ليلة عرفة، أي الليلة التاسعة، هذا هو حاصل أقوال أهل العلم وأدلتهم في المبيت بمزدلفة.
قال الشنقيطي رحمه الله ماحاصله:
قد قدمنا أن الاستدلال بحديث عبدالرحمن بن يعمر الديلي على عدم ركنية المبيت بمزدلفه صحيح ولا شك أنه ينبغي للحاج أن يحرص على أن يفعل كفعل النبي صلى الله عليه وسلم فيبيت بمزدلفة، والعلم عند الله.
ـ[أبوسليمان السلفي]ــــــــ[30 - 11 - 08, 01:19 م]ـ
فروع تتعلق بالمبيت بمزدلفة:
الفرع الأول:
اعلم أنه ينبغي التعجيل بصلاة الصبح يوم النحر بمزدلفة في أول وقتها كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
تنبيه:
¥