تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المقَامَةُ العَرَفِيَّة (!)

ـ[خليل الفائدة]ــــــــ[22 - 11 - 08, 03:24 ص]ـ

المقَامَةُ العَرَفِيَّة (!)

أعْظمْ بمَوقفِهم .. أجْمِلْ بِمنزلِهم .. يا ليتني كنتُ فيهم؛ فأفوز فوزاً عظيماً!

لا يَعْرفُ الشَّوقَ إلاَّ من يُكابِدُهُ ** ولا الصبابةَ إلاَّ منْ يُعانيها

قُلوبُهمْ خاشِعَة .. ونُفُوسُهم طامِعَة .. وأرْواحُهُم في الشَّوقِ راتِعةٌ مائِعة .. وبطُونُهم جائَعَة .. إنْ أكلوا؛ تَقَوَوا بيَسيرٍ مُقَدَّر .. أو شَرِبُوا؛ فَعِوَضٌ عنْ دَمْعٍ تَحَدَّر .. لِسانُ حالِهم: نَفْسِي .. نَفْسي .. نَفَسِي نَفَسِي .. فالسَّاعاتُ معْدودَة .. والأَنفاسُ محْدودَة .. ! رَفَعُوا أكفَّ الضَّراعَة .. لا كُرْهاً؛ بلْ شَوقاً وحُبّاً وطَوَاعَة .. أحْشاؤُهمْ ذَابتْ حَيَاءا .. وقُلُوبُهمْ تقَطَّعتْ كَمَداً .. أيْ رَبِّ! أنا ذلك العَبْدُ الضَّعيف .. المُجْرمُ السَّخيف .. أَتَيْتُكَ جارّاً أذْيالَ ذُنُوبي .. مُثْقَلاً بِقُيُودِي وعُيُوبي؛ فأَرجُو لُطْفكَ يا لَطِيف! تَجَلَّيتَ لعِبادِك .. وَأَخْدَمْتَ ملائِكَتَكَ لأوْلِيائِك .. فلاَ تَحْرِمْ عبادَك الغُفْرَان .. والفَوْزَ والرِّضْوان؛ لأَنِّي فِيهِم! فَبِعَظَمَتِك أُقْسمُ! مَا عَصَيتُك إذْ عَصيتُك؛ جَهلاً بك .. ولا نُكْراناً لاْطِّلاعِك .. ولا اسْتِخْفافاً بعذابِك .. ولا زُهْداً في نَعِيمِك وجنَّتِك .. ولكنْ؛ سَوَّلتْ لي نَفْسي .. وغَرَّني سِتْرُك المُرخَى عليّ .. فعَصَيْتُكَ بِجَهْل .. وخالفْتُك بجَهْل .. فالآنَ هلْ تَقْبَلُني؟! دَعَوْتُ ورَجَوْت .. ومعَ ذلكَ: (وَاسَوْأتَاهُ مِنْكَ - وإنْ عَفَوْت -) فَمَا كانَ لعَبْدٍ ضَعيف .. أن يَعْصيَ الغَنِيَّ اللَّطيف - وإنْ عَلِمَ مَغْفِرَتَهُ للتائِبين -! فوَا عَجَباً كَيفَ يُعْصَى الإلَه ** أمْ كَيفَ يجْحَدُهُ جَاحِدُ

وفي كُلِّ شَيْءٍ لهُ آيَةٌ ** تَدُلُّ على أنَّهُ واحِدُ؟!

شُعُورٌ أذابَ حشَا القُلُوب .. وكادَ أنْ يُخْرِجَ سَوادَ العُيُون .. ويَجْتثَّ جَمالَ الجُفُون! سُبْحَانَ مَنْ لَوْ سَجَدْنا بالعُيُونِ لَهُ ** عَلَى حِمَى الشَّوْكِ وَالمَحْمِي مِنَ الإبَرِ

لَمْ نَبْلُغ العُشْرَ مِنْ مَعْشَارِ نِعْمَتِهِ ** وَلا العُشَيْر وَلا عُشْراً مِنَ العُشْرِ!

(مَنْ فَاتَهُ في هذا العَامِ القِيَامَ بِـ (عَرَفَة)؛ فَلْيَقُمْ للهِ بحَقِّهِ الذِّي عَرَفَه، ومَنْ عَجِزَ عَن المبيتِ بِـ (مُزْدَلفة) فلْيبت عَزْمَه على طاعة الله وقَدْ قرَّبَه وأَزْلَفَه، ومَنْ لم يُمْكنه القِيَامَ بَأرْجَاءِ الخَيْف؛ فلْيُقْم لله بحقِّ الرَّجاءِ والخَوْف، ومَنْ لم يَقْدِرْ على نَحْرِ هَدْيِهِ بـ (مِنَى)؛ فلَيَذْبَحْ هَوَاهُ هُنَا)! (1) ولنا – مَعشَر القاعِدين – حظٌ وَنَصيب .. مِنْحةٌ ممّن هو من عباده قَريب .. احْتَسبَها على الله نَبِيُّنا الحَبيب .. بأبي هو وأمِّي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صِيامُ يَومِ عَرفة .. يُكَفِّرُ سنَّةً مضَتْ بِعُيُوبها وأوزارها .. وسَنَةً آتِيَةً لا نَعْلمُ أينَ نَكون .. أفي دُوْرِها أمْ قُبُورِها .. ؟ ما أعظَمَهُ مِنْ يَوْم .. تكفيرُ سنَتين بصَوْم .. ليْسَ شَهْراً؛ بلْ يَوم .. فَهُبُّوا أيُّها القَوْم؛ فمنْ وُفِّقَ حقَّقَ الرَّوْم .. وَمَنْ حَرمَ نفْسَهُ اْستَحقَّ التَقْريعَ واللَّوْم .. رَبَّنا اعْفُ عَنَّا , وتقبَّل منا، وأَلْحِقْنا بالصالحين.كتَبَهُ / خَليلُ الفائدة – كان اللهُ له –

(9/ 12 / 1428 هـ) صباحاً


(1) تضمين من (لطائف المعارف)

ـ[أبو مهند المصري]ــــــــ[22 - 11 - 08, 10:37 ص]ـ
ما شاء الله
بارك الله فيكم أستاذنا (خليل الفائدة).

ـ[أبو عبد المؤمن الجزائري]ــــــــ[22 - 11 - 08, 03:10 م]ـ
أسأل الله أن يزيدكم من فضله

ـ[أبو عاصم المغربي]ــــــــ[22 - 11 - 08, 04:42 م]ـ
أجدت وأفدت .. ما شاء الله ..

ـ[وليد النجدي]ــــــــ[22 - 11 - 08, 10:56 م]ـ
لله درك يا خليل ..

ـ[خليل الفائدة]ــــــــ[24 - 11 - 08, 08:53 م]ـ
بارك الله فيكم، وأجابَ دُعاءَكم.

ـ[ابو سجا]ــــــــ[25 - 11 - 08, 12:43 ص]ـ
ماشاء الله تبارك الرحمن
وبارك فيك المنان
وامدك بالعفو والغفران

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير