تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومبينا حسن العاقبة للمؤمنين بصبرهم وحسن توكلهم فى الدنيا وضحكهم من الكافرين فى الأخرة: {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ} المطففين34

وذكر ضحك الكافرين المذموم:

ووصف موقفهم من كتابه وأياته فقال {وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ} النجم60

ووصف موقفهم من الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: {فَلَمَّا جَاءهُم بِآيَاتِنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَضْحَكُونَ} الزخرف47

ووصف موقفهم من المؤمنين فقال: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ} المطففين29

وقال: {فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ} المؤمنون110

وذكره فى حقهم فى سياق التهديد والوعيد فقال: {فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} التوبة82

أى مراتب الضحك مستحبه وتكون زينا لصاحبها؟

أفضل مراتب الضحك ما ذكره الله واصفا به رسله قال حاكيا عن سليمان عليه السلام {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} النمل19

(اقول) فيكون معنى قوله "فتبسم صاحكا " أى المرتبة التى ضحك بها هى التبسم

وقد قيل: إن تبسم سليمان سرور بهذه الكلمة منها؛ ولذلك أكد التبسم بقوله: «ضَاحِكاً» إذ قد يكون التبسم من غير ضحك ولا رضا، ألا تراهم يقولون تبسم تبسم الغضبان وتبسم تبسم المستهزئين. وتبسم الضحك إنما هو عن سرور، ولا يُسرّ نبيّ بأمر دنيا؛ وإنما سُرّ بما كان من أمر الآخرة والدّين.

تفسير القرطبي

قال أهل اللغة: التبسم أول مبادىء الضحك. والضحك: انبساط الوجه حتى تظهر الأسنان من السرور، فإن كان بصوت وكان بحيث يسمع من بعد فهو القهقهة، وإلا فالضحك. وإن كان بلا صوت فهو التبسم.

وهذا باعتبار ما علمته من ضحكه، وإلا فقد جاء في أحاديث «ضحك حتى بدت نواجذه» (متفق عليه) رواه البخاري في الأدب من «صحيحه»، ورواه مسلم في الفضائل (اللهوات) بفتح أوليه (جمع لهاة) بفتحهما أيضاً (وهي اللحمة التي في أقصى الفم) زاد في «المصباح» قوله المشرفة على الحلق، وتجمع أيضاً على لها كحصاة وحصى.

دليل الفالحين

يجوز للرجل أن يضحك الرجل تسرية عنه وتخفيفا عنه صادقا غير كاذب

وحدّثنا زُهيْرُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَـ?قَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ، قَالَ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَى رَسُولِ اللّهِ، فَوَجَدَ النَّاسَ جُلُوساً بِبَابِهِ، لَمْ يُؤْذَنْ لأَحَدٍ مِنْهُمْ.

قَالَ: فَأُذِنَ لأَبِي بَكْرٍ فَدَخَلَ ثُمَّ أَقْبَلَ عُمَرُ فَاسْتَأْذَنَ فَأُذِنَ لَهُ، فَوَجَدَ النَّبِيَّ جَالِساً، حَوْلَهُ نِسَاؤُهُ، وَاجِماً سَاكِتاً.

قَالَ: فَقَالَ: لأَقُولَنَّ شَيْئاً أُضْحِكُ النَّبِيَّ.

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ! لَوْ رَأَيْتَ بِنْتَ خَارِجَةَ سَأَلَتْنِي النَّفَقَةَ فَقُمْتُ إِلَيْهَا فَوَجَأْتُ عُنُقَهَا، فَضَحِكَ رَسُولُ اللّهِ

وَقَالَ: «هُنَّ حَوْلِي كَمَا تَرَى، يَسْأَلْنَنِي النَّفَقَةَ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى عَائِشَةَ يَجَأُ عُنُقَهَا، فَقَامَ عُمَرُ إِلَى حَفْصَةَ يَجَأُ عُنْقَهَا. كِلاَهُمَا يَقُولُ: تَسْأَلْنَ رَسُولَ اللّهِ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ.

فَقُلْنَ: وَاللّهِ! لاَ نَسْأَلُ رَسُولَ اللّهِ شَيْئاً أَبَداً لَيْسَ عِنْدَهُ، ثُمَّ اعْتَزَلَهُنَّ شَهْراً أَوْ تِسْعاً وَعِشْرِينَ، ثُمَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الآيَةُ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ} ـ حَتَّى بَلَغَ {لِلْمُحْسَنَاتِ مِنْكُنْ أَجْراً عَظِيماً} قَالَ: فَبَدَأَ بِعَائِشَةَ.

فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَعْرِضَ عَلَيْكِ أَمْراً أُحِبُّ أَنْ لاَ تَعْجَلِي فِيهِ حَتَّى تَسْتَشِيرِي أَبَوَيْكِ»

قَالَتْ: وَمَا هُوَ؟ يَا رَسُولَ اللّهِ! فَتَلاَ عَلَيْهَا الآيَةَ.

قَالَتْ: أَفِيكَ، يَا رَسُولَ اللّهِ! أَسْتَشِيرُ أَبَوَيَّ؟

صحيح مسلم

حدّثنا يحيى بن بكير حدَّثني الليثُ قال حدَّثني خالدُ بن يزيدَ عن سعيد بن أبي هلال عن زيدِ بن أسلمَ عن أبيهِ عن عمرَ بن الخَطاب أن رجلاً كان على عهدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم كان اسمه عبد الله وكان يُلقبُ حِماراً وكان يُضحكُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم قد جَلدَهُ في الشراب، فأُتيَ به يوماً فأمرَ به فجُلدَ، فقال رجلٌ منَ القوم: اللهمَّ العَنْهُ، ما أكثرَ ما يؤتى به!

فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «لا تَلعَنوهُ، فو الله ما علمتُ إلا أنه يحبُّ الله ورسوله».

صحيح البخاري

وفى رواية «لا تَلْعَنُوهُ فإنَّهُ يُحِبُّ الله وَرَسُولَهُ». أخرجه عاصم والضياء وأبو يعلى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير