تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قَوْلِهِ (فَإِنْ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا) فَبَطَلَ قَوْلُهُ إنَّهُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ خِطَابِ الْأَوْلِيَاءِ، وَأَوْلِي الْأَمْرِ، وَقَوْلُهُ: قُلْنَا هَذَا الْخِطَابُ إنَّمَا هُوَ خِطَابٌ بِالْمَنْعِ بِالشَّرْعِ (قُلْنَا) نَعَمْ قَوْلُهُ: وَالْمَنْعُ بِالشَّرْعِ يَسْتَوِي فِيهِ الْأَوْلِيَاءُ، وَغَيْرُهُمْ (قُلْنَا) هَذَا كَلَامٌ فِي غَايَةِ السُّقُوطِ فَإِنَّ الْمَنْعَ بِالشَّرْعِ هُنَا لِلْأَوْلِيَاءِ الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ الْعَقْدَ إمَّا جَوَازًا كَمَا تَقُولُهُ الْحَنَفِيَّةُ أَوْ شَرْطًا كَمَا يَقُولُهُ غَيْرُهُمْ فَالْأَجْنَبِيُّ بِمَعْزِلٍ عَنْ الْمَنْعِ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى بَنَاتِ زَيْدٍ مَثَلًا فَمَا مَعْنَى نَهْيِهِ عَنْ شَيْءٍ لَيْسَ مِنْ تَكْلِيفِهِ فَهَذَا تَكْلِيفٌ يَخُصُّ الْأَوْلِيَاءَ فَهُوَ كَمَنْعِ الْغَنِيِّ مِنْ السُّؤَالِ، وَمَنْعِ النِّسَاءِ عَنْ التَّبَرُّجِ فَالتَّكَالِيفُ الشَّرْعِيَّةُ مِنْهَا مَا يَخُصُّ الذُّكُورَ، وَمِنْهَا مَا يَخُصُّ الْإِنَاثَ، وَمِنْهَا مَا يَخُصُّ بَعْضًا مِنْ الْفَرِيقَيْنِ أَوْ فَرْدًا مِنْهُمَا، وَمِنْهَا مَا يَعُمُّ الْفَرِيقَيْنِ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ الْإِنْكَارُ عَلَى مَنْ يُزَوِّجُ مُسْلِمَةً بِمُشْرِكٍ فَخُرُوجٌ مِنْ الْبَحْثِ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ قُلْنَا إنَّهُ خِطَابٌ لِلْأَوْلِيَاءِ لَكَانَ مُجْمَلًا لَا يَصِحُّ بِهِ عَمَلٌ، جَوَابُهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُجْمَلٍ إذْ الْأَوْلِيَاءُ مَعْرُوفُونَ فِي زَمَانِ مَنْ أُنْزِلَتْ عَلَيْهِمْ الْآيَةُ، وَقَدْ كَانَ مَعْرُوفًا عِنْدَهُمْ.

أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِ عَائِشَةَ: يَخْطُبُ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ وَلِيَّتَهُ فَإِنَّهُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ الْأَوْلِيَاءَ مَعْرُوفُونَ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ أُمِّ سَلَمَةَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِي حَاضِرًا، وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا هَذَا لِأَنَّهُ نَقَلَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ كَلَامَ النِّهَايَةِ، وَهُوَ طَوِيلٌ، وَجَنَحَ إلَى رَأْيِ الْحَنَفِيَّةِ، وَاسْتَقْوَاهُ الشَّارِحُ، وَلَمْ يَقْوَ فِي نَظَرِي مَا قَالَهُ فَأَحْبَبْت أَنْ أُنَبِّهَ عَلَى بَعْضِ مَا فِيهِ.

وَلَوْلَا مَحَبَّةُ الِاخْتِصَارِ لَنَقَلْته بِطُولِهِ، وَأَبَنْت مَا فِيهِ، وَمِنْ الْأَدِلَّةِ عَلَى اعْتِبَارِ الْوَلِيِّ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا} فَإِنَّهُ أَثْبَتَ حَقًّا لِلْوَلِيِّ كَمَا يُفِيدُهُ لَفْظُ " أَحَقُّ "، وَأَحَقِّيَّتُهُ هِيَ الْوِلَايَةُ، وَأَحَقِّيَّتُهَا رِضَاهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ عَقْدُهُ بِهَا إلَّا بَعْدَهُ فَحَقُّهَا بِنَفْسِهَا آكَدُ مِنْ حَقِّهِ لِتَوَقُّفِ حَقِّهِ عَلَى إذْنِهَا)) اهـ.

قال العلامة الطحاوي في (مشكل الآثار):

((حدثنا إبراهيم بن أبي داود، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت البناني قال: حدثني ابن أم سلمة، أن أم سلمة، لما انقضت عدتها، أرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطبها، فقالت: مرحبا برسول الله، إن في خلالا ثلاثا: أنا امرأة شديدة الغيرة، وأنا امرأة مصبية، وأنا امرأة ليس من أوليائي أحد شاهدا يزوجني، فغضب عمر رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتاها، فقال: أنت تردين رسول الله؟ فقالت: يا ابن الخطاب، في كذا وكذا، فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «أما ما ذكرت من غيرتك، فإني أدعو الله أن يذهبها عنك، وأما ما ذكرت من صبيتك، فإن الله تعالى سيكفيهم، وأما ما ذكرت من أنه ليس أحد من أوليائك شاهدا فيزوجك، فإنه ليس أحد أوليائك شاهدا، ولا غائبا يكرهني»، فقالت لابنها: زوج رسول الله، فزوجه فقال قائل في هذا الباب: إن أم سلمة قد قالت للنبي عليه السلام: إنه ليس أحد من أوليائها شاهدا، فلم ينكر ذلك من قولها، ولم يقل لها: وهل لك ولي غير نفسك؟ ففي ذلك ما قد دل على خلاف ما صححتم عليه حديث ابن عباس من نفي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير