(قال الذهبى أقامت عشرين سنة وأزيد لا تأكل شيئا البتة وأمرها فى ذلك شائع لا ريب فيه حدثنا به أبو عبد الله بن ربيع المحدث ومحمد بن سعد العاشق وغيرهما .. وهى خالة العابد أبى إسحاق بن بلال وكانت مقيمة بغرفة لها بأعلى الجامع المعلق بالجزيرة الخضراء بالأندلس ماتت سنة 705 وذكر الشيخ عز الدين الفاروثى أن امرأة كانت بناحية واسط أقامت مدة مثل هذه لا تأكل شيئا وذلك بعد الستمائة وأخرى كانت فى دولة المعتضد بخوارزم وقصتها صحيحة ذكرها الحاكم فى تاريخ نيسابور ... ) نقله عنه الحافظ في ترجمة تلك المرأة من الدرر الكامنة [3/ 3 – 4 / طبعة دائرة المعارف العثمانية] ..
وترجمها العلامة الصفدي في الوافي بالوفيات [16/ 348 / طبعة دار إحياء التراث] فقال (عائشة بنت أبي عاصم وخالة القائد الأجل أبي إسحاق ابن بلال، وهي أندلسية تعرف بالصائمة؛ بقيت أزيد من عشرين سنة لا تأكل شيئاً قط؛ قال الشيخ شمس الدين – هو الحافظ الذهبي -: حدثني بقصتها غير واحد ممن أدركها، وكانت بغرفة لها على الجامع المعلق بمدينة الجزيرة الخضراء، وتركها الأكل أمر شائع لا ريب فيه، حدثني بذلك أبو عبد الله ابن ربيع المحدث ومحمد بن سعد العاشق، وتوفيت بعد عام سبعمائة بنحو خمس سنين؛ ولها نظيرة كانت بناحية واسطة بعد الستمائة ذكر شأنها شيخنا الفاروثي، وكذا المرأة الخوارزمية التي كانت أيام المعتضد بخوارزم، بقيت بضعاً وعشرين سنة لا تأكل ولا تشرب، علقت ذلك بأصح إسناد .. )
3 - ومنهن تلك المرأة الواسطية: التي أشار إليها الذهبي في كلامه الماضي ...
4 - ومنهن تلك المرأة التي يحكي صاحب نفح الطيب [5/ 305 / طبعة دار صادر] خبرها فيقول (وردت على تلمسان في العشرة الخامسة من المائة الثامنة امرأة من رندة لا تأكل ولا تشرب ولا تبول ولا تتغوط وتحيض فلما اشتهر هذا من أمرها أنكره الفقيه أبو موسى ابن الإمام وتلا (كانا يأكلان الطعام) المائدة [75] فأخذ الناس يبثون ثقات نسائهم ودهاتهن إليها فكشفن عنها بكل وجه يمكنهن فلم يقفن على غير ما ذكر وسئلت هل تشتهين الطعام فقالت هل تشتهون التبن بين يدي الدواب!! وسئلت هل يأتيها شيء فأخبرت أنها صامت ذات يوم فأدركها الجوع والعطش فنامت فأتاها آت في النوم بطعام وشراب فأكلت وشربت فلما أفاقت وجدت نفسها قد استغنت فهي على تلك الحال تؤتى في المنام بالطعام والشراب إلى الآن ولقد جعلها السلطان في موضع بقصره وحفظها بالعدول ومن يكشف عما عسى تجيء أمها به إذا أتت إليها أربعين يوما فلم يوقف لها على أمر بيد أني أردت أن يزاد في عدد العدول ويجمع إليهم الأطباء ومن يخوض في المعقولات من علماء الملل المسلمين وغيرهم ويوكل من نساء الفرق من يبالغ في كشف من يدخل إليها ولا يترك أحد يخلو بها .... )
ثم قال: (ذُكِرَ أن امرأة أخرى كانت معها على تلك الحالة، وحدّثني غير واحد من الثقات ممّن أدرك عائشة الجزيرية أنها كانت كذلك، وأن عائشة بنت أبي يحيى اختبرتها أربعين يوماً أيضاً .... )
5 - ومنهن امرأة بصرية أيضا:
فقال صاحب تاريخ إربل [ص 408 - 409 / طبعة وزارة الثقافة والإعلام العراقية] في ترجمة شيخه عبد الله بن أبي الفضل (589 - 643 هـ)
قال (وحدثنا من لفظه، حديث المرأة التي بالبصرة المشهور ذكرها. وكنا نسمع بحديثها منذ سنين عدة، وهي التي لا تأكل ولا تشرب ولا تغوط، إنما تتغذى بالذكر. قال: وكنت أسمع عنها ذلك ولا أصدقه، حتى سمعت بحالها من الأمير باتكين والي البصرة، وقال لي: لا يجوز أن يشك في حديثها! فإنه صحيح، شاهدتها وعرفته. قال: ولها كرامات كثيرة لا تعرفها هي، حدث ببعضها. قال: وسمع بها ابن أمسينا فأحضرها وأغلق عليها بابا نحوا من ثلاثة أشهر، فما أكلت ولا شربت ولا غاطت ولا أراقت الماء. وحدثتْ أن سبب ذلك أن أباها صودر ولها ومن العمر ثلاث عشرة سنة، فرأت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام يسقيها شرابا ' فانتبهتُ وأقمتُ أياما لا أشتهي / طعاما ولا شرابا، ثم تمادتْ بي الحال. فلي خمس وعشرون سنة على هذه الحال .... )
قلتُ: وفي الباب عن نسوة أخريات أضربنا عن خبرهن صفحا!!
وكل هذا سبيله التصديق إذا ثبتت دلائله، واستقام الطريق إلى قائله؛ إذ ليس ثمة ما يمنع من حدوث هذا في شريعتنا أصلا!!
ومحمل كل ذلك: على كونه آية من آيات الله ينزل بها على من يشاء، وكرامة منه على بعض عباده يختصه بها متى شاء ...
وهذه الأعصار التي يدور بنا رحاها: قد وجد فيها من يصبر على الطعام والشراب شهرا وشهرين و شهورا!! ومنهم من يصبر على الطعام ولا يصبر على الماء!! وهذا الصنف: منه كثيرون الآن!!
وقد حدَّث الإمام الألباني – وهوالثقة الثبت المأمون – في سلسلته الضعيفة (1/ 419) قال: (لقد جوّعتُ نفسي في أواخر سنة 1379 هـ أربعين يوماً متتابعاً، لم أذُق في أثنائها طعاماً قطّ، ولم يدخل جوفي إلاّ الماء! وذلك طلباً للشفاء من بعض الأدواء، فعُوفيتُ من بعضها دون بعض، وكنتُ قبل ذلك تداويتُ عند بعض الأطباء نحو عشر سنوات دون فائدة ظاهرة، وقد خرجتُ من التجويع المذكور بفائدتين ملموستين:
الأولى: استطاعة الإنسان تحمّل الجوع تلك المدّة الطويلة، خلافاً لظنّ الكثيرين من الناس.
والأخرى: أن الجوع يفيد في شفاء الأمراض الامتلائيّة؛ كما قال ابن القيّم رحمه الله تعالى، وقد يفيد في غيرها أيضاً كما جرّب كثيرون، ولكنه لا يفيد في جميع الأمراض على اختلاف الأجسام.)
¥