تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثُمَّ تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاةَ فَصَلَّى بِهِمْ الصُّبْحَ فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ مَنْ نَسِيَ الصَّلَاةَ فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ

{أَقِمْ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} رواه مسلم.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنْ الصَّلَاةِ أَوْ غَفَلَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ أَقِمْ الصَّلَاةَ لِذِكْرَى

فذكر هنا النائم والناسي وكلاهما معذور لأمر خارج عن إرادته ..

أين هذا من التارك!!!!

قال الألباني في الصحيحة حول هذا الموضوع:

و في الحديث دلالة على أن النائم عن الصلاة أو الناسي لها لا تسقط عنه الصلاة،

و أنه يجب عليه أن يبادر إلى أدائها فور الاستيقاظ أو التذكر لها.

و دلت زيادة أنس رضي الله عنه، على أن ذلك هو الكفارة، و أنه إن لم يفعل فلا

يكفره شيء من الأعمال، اللهم إلا التوبة النصوح.

و في ذلك كله دليل على أن الصلاة التي تعمد صاحبها إخراجها عن وقتها، فلا يكفرها أن يصليها بعد وقتها، لأنه لا عذر له، و الله عز و جل يقول: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا)، و ليس هو كالذى نام عنها أو نسيها، فهذا معذور بنص الحديث، و لذلك جعل له كفارة أن يصليها إذا تذكرها.

ألست ترى أن هذا المعذور نفسه إذا لم يبادر إلى الصلاة حين التذكر فلا كفارة له

بعد ذلك، لأنه أضاع الوقت الذي شرع الله له أن يتدارك فيه الصلاة الفائتة.

فإذا كان هذا هو شأن المعذور أنه لا قضاء له بعد فوات الوقت المشروع له، فمن

باب أولى أن يكون المتعمد الذي لم يصل الصلاة في وقتها و هو متذكر لها مكلف بها

أن لا يكون له كفارة. و هذا فقه ظاهر لمن تأمله متجردا عن التأثر بالتقليد

و رأي الجمهور.

و مما سبق يتبين خطأ بعض المتأخرين الذي قاسوا المتعمد على الناسي فقالوا:

" إذا وجب القضاء على النائم و الناسي مع عدم تفريطهما فوجوبه على العامد

المفرط أولى "!

مع أن هذا القياس ساقط الاعتبار من أصله، لأنه من باب قياس النقيض على نقيضه،

فإن العامد المتذكر ضد الناسي و النائم.

على أن القول بوجوب القضاء على المتعمد ينافي حكمة التوقيت للصلاة الذي هو شرط

من شروط صحة الصلاة، فإذا أخل بالشرط بطل المشروط بداهة، و قول شيخ الشمال في

نشرة له في هذه المسألة " أن المصلي وجب عليه أمران: الصلاة، و إيقاعها في

وقتها، فإذا ترك أحد الأمرين بقي الآخر ".

فهذا مما يدل على جهل بالغ في الشرع، فإن الوقت للصلاة ليس فرضا فحسب، بل

و شرط أيضا، ألا ترى أنه لو صلى قبل الوقت لم تقبل صلاته باتفاق العلماء.

و بعد فهذه كلمة وجيزة حول هذه المسألة المهمة بمناسبة هذا الحديث الشريف،

و من شاء تفصيل الكلام فيها فليرجع إلى كتاب الصلاة لابن القيم رحمه الله تعالى

فإنه أشبع القول عليها مع التحقيق الدقيق بما لا تجده في كتاب.

و اعلم أنه ليس معنى قول أهل العلم المحققين و منهم العز ابن عبد السلام

الشافعي أنه لا يشرع القضاء على التارك للصلاة عمدا، أنه من باب التهوين لشأن ترك الصلاة حاشا لله، بل هو على النقيض من ذلك، فإنهم يقولون: إن من خطورة الصلاة و أدائها في وقتها أنه لا يمكن أن يتداركها بعد وقتها إلى الأبد، فلا يكفر ذنب إخراج الصلاة عن وقتها إلا ما يكفر أكبر الذنوب، ألا و هو التوبة النصوح.

و لذلك فهم ينصحون من ابتلي بترك الصلاة أن يتوب إلى الله فورا، و أن يحافظ

على أداء الصلاة في أوقاتها و مع الجماعة، و أن يكثر من الصلاة النافلة حتى

يعوض بذلك بعض ما فاته من الثواب بتركه للصلاة في الوقت (و إن الحسنات يذهبنالسيئات) و قد دل على ذلك حديث أبي هريرة " انظروا هل لعبدي من تطوع فتكملوا

بها فريضته ". أخرجه أبو داود و غيره.

ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[06 - 12 - 08, 08:55 م]ـ

بارك الله فيكم

قد تكون الإجابة حفظك الله من جهات متعددة بحيث تشمل ما يمكن أن يقال في الرد على هذا الأمر

فالرد الأول يكون بسياق الروايات وبيان الاختلاف فيها وشك الراوي، ونستدل بهذا على أن رواية النسيان هنا إما أن تكون خطأ من بعض الرواة أو شكا، وأنها قد وردت في بعض الروايات بمعنى الترك.

والرد الثاني: يكون من باب التنزل، فعلى القول بأن الرواية المحفوظة هي (نسي) فهناك أجوبة متعددة عليها

1 - أن العلماء والفقهاء فهموا منها أن النسيان هنا بمعنى الترك، وهذا تفسير للرواية، حيث أنهم استدلوا على الدماء في المناسك بهذا الأثر ومع ذلك استثنوا الناسي في حالات، فدل فعلهم هذا على تفسير الأثر بمعنى الترك.

2 - يستبعد أن يكون ابن عباس رضي الله عنه يقصد بالنسيان هنا الذهول، فلا يخفي على مثل هذا العالم الذي فقهه الله في الدين حكم الناسي.

3 - أن تفسير النسيان هنا بمعنى الترك أمر مستساغ عند وجود قرينة، كما في قوله تعالى (نسوا الله فنسيهم).

أما مسألة إعادة الصلاة لمن تركها عمدا فيمكن نقاشها في موضوع آخر، وقد سبق طرحها في الملتقى.

والله يحفظكم ويرعاكم.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير