الأمر الثاني: أن الله عز وجل قال: (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات) والأيام المعلومة هي: الأيام العشر، وقال عز وجل: (واذكروا الله في أيام معدودات) وهي: أيام التشريق، فهذا يفيد العموم، وأن التكبير سواء كان قبل الصلاة أو بعدها أو في الصباح أو في المساء فكل هذا مشروع. ولكن يتأكد التكبير في يوم عرفة وما بعده، وبالذات في يوم النحر، والأمر في ذلك واسع، والله تعالى أعلم.
ـ[أبو حذيفة التونسي]ــــــــ[01 - 12 - 08, 03:36 ص]ـ
3 - التكبير:
ومن العبادات العظيمة التي تختص بها هذه الأيام عبادة التكبير لله عز وجل، ورفع الصوت بذلك؛ قال الله تعالى: (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) [الحج: 28].
والأيام المعلومة هي عشر ذي الحجة، كما ذهب إلى هذا جمهور أهل العلم) ينظر: «لطائف المعارف» ص:471 (
وفي صحيح البخاري (كتاب العيدين/باب فضل العمل في أيام التشريق): (وقال ابن عباس: (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات) في أيام العشر، والأيام المعدودات أيام التشريق. وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما) ا. هـ.) قال ابن رجب في «الفتح» (9/ 8): (وأما ما ذكره البخاري عن ابن عمر وأبي هريرة، فهو من رواية سلام أبي المنذر، عن حميد الأعرج، عن مجاهد أن ابن عمر وأبا هريرة كانا يخرجان في العشر إلى السوق يكبران، لا يخرجان إلاّ لذلك.
خرجه أبو بكر عبد العزيز بن جعفر في كتاب «الشافي»، وأبو بكر المروزي القاضي في كتاب «العيدين».
ورواه عفان: نا سلام أبو المنذر ... فذكره. ولفظه: «كان أبو هريرة وابن عمر يأتيان السوق أيام العشر، فيكبران ويكبر الناس معهما، ولا يأتيان لشيء إلا لذلك) ا. هـ وينظر: «اللطائف» (ص:475).
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات سوى سَلاّم؛ وهو ابن سليمان المزني المقرئ النحوي الكوفي، مختلف فيه، والراجح أنه لا بأس به، وقد أنكر عليه شيء يتعلق بالقراءة، قال أبو داود: «ليس به بأس، أنكر عليه حديث داود عن عامر في القراءة». (
وقال البخاري في كتاب العيدين أيضا: (باب التكبير أيام منى وإذا غدا إلى عرفة.
وكان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيرا، وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام، وخلف الصلوات، وعلى فراشه، وفي فسطاطه، ومجلسه وممشاه، تلك الأيام جميعا، وكانت ميمونة تكبر يوم النحر، وكان النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد.
حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا مالك بن أنس قال: حدثني محمد بن أبي بكر الثقفي قال: سألت أنسا - ونحن غاديان من منى إلى عرفات - عن التلبية، كيف كنتم تصنعون مع النبي r؟ قال: كان يلبي الملبي لا ينكر عليه، ويكبر المكبر فلا ينكر عليه).
وقال الإمام مسلم في «صحيحه» (1284): وحدثني محمد بن حاتم وهارون بن عبد الله ويعقوب الدورقي قالوا أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا عبد العزيز بن أبي سلمة عن عمر بن حسين عن عبد الله بن أبي سلمة عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: كنا مع رسول الله r في غداة عرفة، فمنا المكبر، ومنا المهلل، فأما نحن فنكبر، قال: قلت: والله لعجبا منكم كيف لم تقولوا له: ماذا رأيت رسول الله r يصنع؟!
وعبادة تكبير الله عز وجل، من أعظم العبادات، وقد أمر الله عز وجل بها نبيه r، وهو أمر لأمته من بعده، قال تعالى في خاتمة سورة الإسراء: {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا}.
ومعنى (كبره تكبيرا) أي: عظمه عظمة تامة، ويقال: أبلغ لفظة للعرب في معنى التعظيم والإجلال: الله أكبر؛ أي: صفه بأنه أكبر من كل شيء. قال الشاعر:
رأيت الله أكبر كل شيء محاولة وأكثرهم جنودا
وقال عمر بن الخطاب: قول العبد: الله أكبر خير من الدنيا وما فيها) ينظر: «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (10/ 345 ((
ويحكى عن بعض السلف أن هذه الآية هي خاتمة «التوراة».
¥