أنا فتاة ملتزمة تقدم لي رجل –لخطبتها- وهو يصلي ولكنه يشرب الشيشة وهي محتارة، فتستفتيكم في ذلك وتستشيركم فهل توافق على توافق على ذلك الزوج مأجورين؟
الجواب:
((الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
إذا خُطبت المرأة وخطبها رجلٌ كفء، فإنه يُزوج ولا يُمنع، ففي الحديث عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:
(إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إن لا تفعلوه تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ كبير أو قال فسادٌ عريض).
ولا يحل لأحد أن يمنع ابنته أو أخته أو غيرهما ممن له ولايةٌ عليه من النساء، لا يحل له أن يمنعها من خاطبٍ كفء رضيته، لأن هذا خلاف الأمانة.
وفي هذه الحال لو فُرض أنه منعها من كفءٍ رضيته، فإن الولاية تنتقل منه إلى مَن بعده، فإذا منعها أبوها مثلاً والخاطب كفؤٌ في دينه وخلقه وهي راضيةٌ به زوجها أخوها، ولا بأس عليه في هذه الحال أن يزوج أخته مع منع أبيه من تزويجها، وذلك لأن أباه معتدٍ في هذا المنع، فأسقط حقه بنفسه.
وإذا قُدر أن الأخوة أبوا أن يزوجوا كراهة أن يخالفوا أباهم، فإن الولاية تنتقل إلى العم الذي هو أخو الأب، فله أن يزوج هذه المرأة التي رضيت بالكفء الذي خطبها، ومنعه أبوها وأخوتها.
وقد ذكر العلماء -رحمهم الله- أن الولي إذا تكرر منعه من تزويج الخاطب إذا كان كفؤاً ورضيت به المرأة، يكون بذلك فاسقاً وتسقط ولايته، ولا يُمكّن من مباشرة كل عملٍ تشترط فيه العدالة.
والمسألة خطيرة، وبعض الناس لا يرحمون الخلق، ولا يخافون الخالق! فتجده يجعل ابنته بمنزلة السلعة! لا يزوجها إلا من يعطيه الأكثر من المال، وإذا خطبها الكفء ذو الخلق والدين، ورضيت به أبى أن يزوجه، لأنه ينتظر من يزيده من المال.
ومن الناس من يمنع الكفء إذا خطب ابنته ورضيته، لأنه يريد أن يزوجها ابن أخيه أو أن يزوجها رجلاً من قبيلته، وهذا أيضاً حرام، ولا يحل فعلى الأولياء أن يتقوا الله في أنفسهم، وأن يتقوا الله فيمن ولاهم الله عليه من النساء، وأن يعلموا أنهم سيحاسبون على ذلك يوم القيامة حين لا يجدون مناصاً من سوء معاملتهم.
ولقد حكى لي بعض الناس أن امرأةً فتاةً لم تتزوج مرضت، فلما حضرها الموت أشهدت من حولها من النساء بوصيةٍ إلى أبيها، تقول كلاماً معناه: أن أباها قد منعها من الخُطّاب الأكْفَاء، وأن بينها وبينه موقفٌ عند الله يوم القيامة، وهذا أمرٌ خطير يجب على المرء أن يتقي الله تعالى فيه؛ وما أدري هذا الولي لو أنه اختار امرأةً ليتزوجها فحيل بينه وبينها، ما أدري ما موقفه؟! هل يرضى بذلك؟!
إن الجواب بالنفي، أنه لا يرضى أن يحول أحدٌ بينه وبين مخطوبته، فإذا كان كذلك فلماذا يرضى أن يحول بين ابنته وخاطبها الذي هو كفؤٌ في دينه وخلقه.
وبالنسبة لسلامة الدين التي تجب مراعاتها: أن لا يكون الإنسان مصراً على معصية تتعدى إلى الغير كالإصرار على شرب الدخان مثلا، فإن شرب الدخان على القول الراجح محرم، والإصرار عليه معصية، بل فعله ولو مرةً واحدة معصية، والإصرار عليه يرتقي بصاحبه إلى أن يكون كبيرة.
فإذا خطب المرأة رجلٌ يصر على معصية من أي نوعٍ كانت من المعاصي التي لا تسلم الزوجة منها، فإن من الخير أن لا تَقْبل خطبته، وأن تسأل الله تعالى أن ييسر لها زوجا خالياً من هذه المعصية، أما إذا كانت المعصية لا تتعدى فهي أهون مثل أن يكون الإنسان معروفاً بالغيبة، فإن الغيبة كما يعلم الجميع ليست متعدية، إذ بالإمكان أن يكون هذا الزوج يغتاب الناس في غير حضرة زوجته، وهذا أهون من كونه يفعل المعصية أمامها ولا يمكن أن يتخلى عنها إذا كانت الزوجة أمامه.
وخلاصة القول: أنا ننصح المرأة بأن لا تختار في النكاح إلا رجلاً صاحب دين وخلق، لأن صاحب الدين إن أمسكها أمسكها بمعروف وإن فارقها فارقها بإحسان، وأن لا تتعجل المرأة بقبول الخاطب حتى يُبحث عنه من جميع الجوانب.
ولست أريد أن أقول لا تتزوج المرأة إلا من كان لا يفعل شيئاًً من الذنوب أبداً، لأن هذا متعذر، لكن سددوا وقاربوا))
اهـ من (نور على الدرب) شريط (275).
السؤال:
تقدم أحد الأشخاص لخطبة أخته والزواج منها، لكن هذا الشخص لا يصلي، فهل يجوز أن نزوجه من أختنا؟
¥