تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذه الحالة هي الغالبة فإن الإنسان لا يكاد يجتمع له كل ما يحبه إلا عند قرب رحيله ..... فإياك إياك أن تنظر إلى صورة نعيمهم فإنك تستطيبه لبعده عنك، ولو قد بلغته كرهته.

ثم في ضمنه من محن الدنيا والآخرة ما لا يوصف.

- ولقد كنت في حلاوة طلبي العلم ألقى من الشدائد ما هو عندي أحلى من العسل لأجل ما أطلب وأرجو.

كنت في زمان الصبا آخذ معي أرغفة يابسة فأخرج في طلب الحديث، وأقعد على نهر عيسى فلا أقدر على أكلها إلا عند الماء.

فكلما أكلت لقمة شربت عليها، وعين همتي لا ترى إلا لذة تحصيل العلم.

فأثمر ذلك عندي أني عرفت بكثرة سماعي لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم وأحواله وآدابه، وأحوال أصحابه وتابعيهم، فصرت في معرفة طريقه كابن أجود.

وأثمر ذلك عندي من المعاملة ما لا يدري بالعلم، حتى أنني أذكر في زمان الصبوة، ووقت الغلمة والعزبة قدرتي على أشياء كانت النفس تتوق إليها توقان العطشان إلى الماء الزلال، ولم يمنعني عنها إلا ما أثمر عندي العلم من خوف الله عز وجل.

ولولا خطايا لا يخلو منها البشر، لقد كنت أخاف على نفسي من العجب.

غير أنه عز وجل صانني، وعلمني، وأطلعني من أسرار العلم معرفته، وإيثار الخلوة به، حتى أنه لو حضر معي معروف وبشر لرأيتهما زحمة.

ثم عاد فغمسني في التقصير والتفريط حتى رأيت أقل الناس خيراً مني.

وتارة يوقظني لقيام الليل ولذة مناجاته، وتارة يحرمني ذلك مع سلامة بدني.

ولولا بشارة العلم بأن هذا نوع تهذيب وتأديب لخرجت إما إلى العجب عند العمل، وإما إلى اليأس عند البطالة.

لكن رجائي في فضله قد عادل خوفي منه.

وقد يغلب الرجاء بقوة أسبابه، لأني رأيت أنه قد رباني منذ كنت طفلاً، فإن أبي مات وأنا لا أعقل، والأم لم تلتفت إلي. فركز في طبعي حب العلم.

وما زال يوقعني على المهم فالمهم، ويحملني إلى من يحملني على الأصوب، حتى قوم أمري.

وكم قد قصدني عدو فصده عني. وإذ رأيته قد نصرني وبصرني ودافع عني ووهب لي، قوى رجائي في المستقبل بما قد رأيت في الماضي.

ولقد تاب على يدي في مجالس الذكر أكثر من مائتي ألف، وأسلم على يدي أكثر من مائتي نفس.

وكم سالت عين متجبر بوعظي لم تكن تسيل.

ويحق لمن تلمح هذا الإنعام أن يرجو التمام.

وربما لاحت أسباب الخوف بنظري إلى تقصيري وزللي.

ولقد جلست يوماً فرأيت حولي أكثر من عشرة آلاف ما فيهم إلا من قد رق قلبه. أو دمعت عينه. فقلت لنفسي: كيف بك إن نجوا وهلكت: فصحت بلسان وجدي: إلهي وسيدي إن قضيت علي بالعذاب غداً فلا تعلمهم بعذابي صيانة لكرمك لا لأجلي، لئلا يقولوا عذب من دل عليه.

إلهي قد قيل لنبيك صلى الله عليه وسلم. أقتل ابن أبي المنافق فقال: لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه. إلهي فاحفظ حسن عقائدهم في بكرمك أن تعلمهم بعذاب الدليل عليك.

حاشاك والله يا رب من تكدير الصافي.

- ولا يلتفت إلى من يذم المال، فإنهم الحمقى الجهال الذين اتكلوا على خبز الراحة، فاستطابوا الكسل والدعة، ولم يأنفوا من تناول الصدقة ولا من التعرض للسؤال.

وقد كان لكل نبي معاش ولجميع الصحابة. وخلفوا أموالاً كثيرة فافهم هذا الأصل، ولا تلتفت إلى كلام الجهال.

- ينبغي للعاقل أن يكون على خوف من ذنوبه وإن تاب منها وبكى عليها.

وإني رأيت أكثر الناس قد سكنوا إلى قبول التوبة، وكأنهم قد قطعوا على ذلك. وهذا أمر غائب، ثم لو غفرت بقي الخجل من فعلها.

ـ[السوادي]ــــــــ[17 - 12 - 08, 08:08 ص]ـ

جزاك الله خير

ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[17 - 12 - 08, 11:29 ص]ـ

بارك الله فيكم وجعل أعمالكم في ميزان حسناتكم.

ـ[اسد الدين]ــــــــ[18 - 12 - 08, 02:54 ص]ـ

أحسن الله إليك ونفعنا وإياك بكل ما قرأناه

ورحمة الله على ابن الجوزى

فقد كان عالما بحق وطبيبا بصدق

وجزاكم الله خيرا

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير