تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[17 - 07 - 09, 07:57 م]ـ

جاء في موقع الألوكة مايلي:

العرمرم في فضل زمزم

الشيخ بلال بن عبدالصابر قديري

الحمد لله الذي خلق الكائنات، وأبدع المخلوقات، وأتقن المصنوعات، ألا له الخلق والأمر، ذلكم الله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، رب الأرباب، ومُسَبِّب الأسباب، ومُنَزِّل الكتاب، وخالق خلقه من تراب، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، أُوذيَ في الله فصبر، وجاءَه نصرُ الله فشَكَر، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعدُ:

فعلى المسلمين جميعًا أن يتَّقوا الله تعالى، وليخشوه وليُراقبوه، فإنه سبحانه مُطلِع عليهم، لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، اتَّقوا الله حق التقوى، فتقوى الله سلوان لكلِّ هَمٍّ، وفرج من كلِّ غمٍّ، ومخرج من كلِّ ضيق، وأوثق العُرى كلمة التقوى.

أيها المسلمون:

إنها سر الحياة، أنْعَمَ الله به على خلقه، منه خِلْقَتُهم، وعليه قيام حياتهم، وقسم أرزاقهم، ينزل من السماء، ويخرج من الأرض، ويتشقق بها الجبال، وتتصدع منه الحجارة، به حياة الروح والبدن، ذلكم هو هذا السائل المبارك الطهور، إنه الماء، واقْرَؤُوا إن شئتم في كتاب الله: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ} [الأنبياء:30]، وقوله: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ} [النور:45].

فالماءُ من أعظم ما امتَنَّ الله به على عباده؛ {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ} [الواقعة: 68 - 70]، إنه ماء الحياة لكل الأحياء، بقدرة الله تروون به عطشكم، وتطهِّرون به أجسادكم، وتصنعون طعامكم، وتغسلون متاعكم، ماءٌ مباركٌ طَهُور، يسقي الحرث، وينبت الزرع، ويدرُّ الزرع، ويشرب منه الأنعام وأناسيُّ كثير، لا سبيل للوُصُول إليه إلا بمنَّة الله وكرمه؛ {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} [الملك:30].

إن خفَّ كان سحابًا، وإن ثقل كان غيثًا ثجَّاجًا، وإن سخن كان بخارًا، وإن برد كان ندًى وثلجًا وبردًا، تجري به الجداول والأنهار، وتتفجَّر منه العيون والآبار، وتختزنه تجاويف الأرض والبحار، ومع هذا كله فإنَّ حديثنا اليوم عن نوع ماء لا كالمياه كلها، إنه سيد المياه وأشرفها، وأجلّها وأغلاها، هو هزمة جبريل، وسقيا الله إسماعيل، إنه من الآيات البيِّنات في حرم الله الآمن، ومن أعظم المنافع المشهودة فيه، إنه الماء المبارَك، ظهر في أطْهر بُقعة مبارَكة، إنه ماء زمزم، ولِزمزم بداية فلنبدأ بها:

فيوم أن جاء إبراهيم الخليل بزوجه هاجر وابنها إسماعيل، وتركهما فوق دوحة عند البيت، وليس بمكة يومئذٍ حياةٌ ولا ماء ولا نبات، فلما اشتَدَّ الكرب على هاجر، وابنُها يتلوَّى كأنه ينشغ للموت، سعتْ بين الصفا والمروة سعي الإنسان المجهود، فسمعتْ صوتًا، فإذا هي بجبرائيل، فضرب برجْله الأرض فنبع الماء، فجعلت تحوضه؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((رحم الله أم إسماعيل، لو تركت زمزم لكان عينًا معينًا))؛ رواه البخاري؛ أي: لكان الماء ظاهرًا، ولم يزل زمزم نهلاً عذبًا للواردين، حتى وَلِيَت جُرْهُم أمر البيت، وطالت ولايتهم، فاستخفُّوا بحُرْمة البيت، واستحلُّوا الحرم، وظلموا مَن يدخل إليه، فسلَّط الله عليهم خزاعة، فأخرجتْهم من الحرم، فلم ينفلت منهم إلا الشَّريد، ودفنت جرهم بئر زمزم لما نفيت من مكة، فلم تزل زمزم عافية دارسة آثارها حتى آن مولد النبي المبارك - صلى الله عليه وسلم - الذي تفجَّر من بنانه ينابيع الماء، وهو صاحب الكوثر والحوض الروَّاء.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير